النقود بسوريا باتت توزن بدل أن تعد... هل حان الوقت لحذف الأصفار؟

مع تنامي التضخم في الكتلة النقدية وفقدان العملة لقيمتها، بات الكثير من التعاملات التجارية في سورية تُجرى وفقًا لوزن النقود وليس عددها، في حين تعجز ماكينات العد الآلية عن القيام بدورها في ظل تقادم الكثير من الفئات وتلفها.

في هذا السياق، يقول التاجر "عماد غنمة" من دمشق في اتصال مع صحيفة "العربي الجديد" إن زنة النقود أصبح سائداً حتى خلال صفقات البيع الصغيرة، لأن عد النقود أضحى صعباً ويأخذ وقتاً. 

ويلفت التاجر الذي يعمل في مجال الأجهزة المنزلية، إلى أن عد النقود يزيد احتمالات الخطأ، لأننا نتكلم على مبالغ كبيرة، فسعر الغسالة يبلغ نحو 6 ملايين ليرة والثلاجة 11 مليون ليرة، وإن لجأنا إلى العد اليدوي، فسيستغرق ذلك وقتاً وقد نخطئ ما يضطرنا إلى إعادة العد.

ويضيف أن ماكينة عد النقود موجودة في معظم محال بيع الجملة والأدوات الكهربائية والمنزلية، لكن لا تمر العملة القديمة عبرها، لذا تم تحديد زنة كل رزمة من النقود، فهناك رزمة الخمسة آلاف ورزمة الألفين، ويتم التعامل بهذه الطريقة عبر موازين دقيقة، وقد اعتدنا على الأمر مع مرور الوقت.

ويشير إلى أنه في حال وجود لاصق على بعض الأوراق النقدية، تُستثنى، لأنها تزيد الوزن، لافتاً إلى أن وزن رزم العملة السورية من الفئات الكبيرة، صار معروفاً لدى الباعة وحتى لدى معظم الزبائن، خاصة تجار المنازل والسيارات وأجهزة الطاقة أو المنزلية.

وأوضح أن وزن رزمة الـ 500 ألف ليرة من فئة الـ 5000 ليرة يبلغ 98 غراماً، بينما زنة رزمة الـ200 ألف ليرة من فئة الـ 2000 ليرة 100 غرام، ووزن رزمة الـ 100 ألف ليرة من فئة الـ 1000 ليرة يصل إلى 97 غراماً، ووزن رزمة الـ 50 ألف ليرة من فئة 500 ليرة يبلغ 102 غرام، مؤكداً أنه قلما يتم التعامل بالفئات النقدية الصغيرة خلال الصفقات الكبيرة، ومع ذلك احتسبت زنتها، فمثلاً زنة رزمة فئة 1000 ليرة (مائة ورقة) يبلغ 140 غراماً وكذا زنة 100 ورقة من فئة 500 ليرة.

ولا يستغرب الخبير الاقتصادي السوري "محمد حاج بكري" من تفشي زنة النقود بدل عدها، لأن التضخم أحال العملة السورية إلى "ورق يكاد يكون بلا قيمة".

ويرى "حاج بكري" أن الحل بشأن انهيار قيمة العملة يتمثل في إلغاء بعض الأصفار منها، ولكن ذلك لن يبدل في القيمة الشرائية لليرة إن لم يترافق مع حلول أخرى وتنمية القطاعات الإنتاجية وتنشيطها، مضيفاً أنّ إلغاء الأصفار قد يخفف فقط من أعباء حمل العملة الورقية بكميات كبيرة أو إلغاء طريقة الزنة أو العد الآلي. ويقول: "اليوم يتم تحميل سيارة بالمال خلال شراء بيت أو أرض وترى سلالاً كبيرة كما سلال القمامة في المحال ومحطات الوقود، توضع فيها رزم العملة السورية".

ويشير في تصريحات صحفية إلى أن سعر سيارة كيا الكورية الجنوبية، طراز 2011، يبلغ اليوم نحو 200 مليون ليرة، وسعر المنزل في ضاحية مشروع دمر بدمشق، بين 3 و4 مليارات ليرة، فكيف يمكن عد تلك الأموال، خاصة إن كان بين الرزم قطع عليها لاصق أو قديمة، لذا الحل الأنسب هو زنة الأموال بميزان إلكتروني دقيق وهو منتشر في المحال الكبرى ولدى التجار، إلى جانب ماكينة عد النقود.

ويضيف أن قمة تهاوي سعر الصرف، كانت مطلع العام الماضي، ولم يزل السعر يتذبذب عند حدود 15 ألف ليرة منذ عام، لافتاً إلى أنّ التضخم يزيد عن 150% على أساس سنوي، بينما وصل مؤشر القوة الشرائية إلى درجة منخفضة جداً بلغت 4.21%، تبعه تراجع مؤشر قياس جودة الحياة عامة إلى درجة الصفر، وفقاً لقاعدة البيانات "نامبيو" لقياس جودة الحياة في دول العالم.

ويؤكد أن حلول التضخم تكاد تكون مستحيلة ضمن الواقع الاقتصادي السوري وحتى السياسي، لأن تحسين سعر صرف الليرة يحتاج إلى صناعة وتصدير وسياحة، كما يحتاج إلى إعادة ثقة المكتنزين والمتعاملين، وإلى أفق سياسي مطمئن، لافتاً إلى أن خزائن البنك المركزي خاوية بعد تبديد 18 مليار دولار احتياطي سورية في عام 2011.