هل ينصح الخبراء بشراء الذهب كملاذ آمن للأيام القادمة؟ 

نجحت أونصة الذهب، منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد إسرائيل، في الوصول إلى مستويات الـ 2000 دولار وتخطيها عدة مرات. 

وأدى الإقبال على الملاذات الآمنة لصعود الذهب من 1809.50 دولارات في السادس من أكتوبر/تشرين الأول إلى أعلى من 2000 دولار قبل أن ينخفض مجدداً في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي إلى نحو 1989.83 دولاراً للأونصة. 

ويتوقع بعض تجار السوق أن يتخطى المعدن النفيس أرقاماً قياسية بصفته الملاذ الآمن في الأزمات، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى صوابية الإقبال على الذهب في هذا الوقت، أو أنه مجرد رحلة هروب غير محسوبة العواقب. 

هل يصلح الذهب كملاذ آمن في الوقت الحالي؟ 

عمّا إذا كان الذهب يُعَدّ ملاذاً آمناً بدون شروط في أوقات الأزمات، اعتبر الخبير روبرت ريثفيلد من "فيلنرايترإنفست"، أن هذا التصور ليس صحيحاً دائماً، والأمر المرجح أن سعر الذهب يمكن أن ينخفض في فترات الركود، فهذا ما كان عليه الحال عام 2007، وحتى في حالة التباطؤ كما خلال جائحة كورونا في مارس/ آذار 2020، حيث فشل الذهب كملاذ آمن.  

وبخصوص الآفاق المستقبلية للذهب، أشار الخبير إلى أن المنظور البياني يؤشر إلى أن لدى الذهب مجالاً للتحسن، ولا يزال الاتجاه الصعودي في وجهته السليمة. 

وأشار إلى أن الذهب، كان منذ منتصف عام 2020 يتحرك في نطاق ضيق، والآن أصبحت فرص الثبات عند سعر 2000 دولار واضحة، وقد يصل سعر أونصة الذهب لنحو 2300 دولار، ولكن من الصعوبة أن تتخطى هذا السعر في الوقت الحالي.  

ثم أفاد "ريثفيلد" بأن هناك عاملاً آخر مهماً، وهو أن "تداول الذهب يتم بالدولار، ومن ثم فإن سعره يرتبط أيضاً بسعر صرف الدولار، وارتفاع العملة الأميركية يزيد تكلفة شراء الذهب ويضغط على الطلب". 

وأضاف أن سوق السندات والفائدة المرتفعة تؤثر أيضاً بأسعار الذهب الذي لا يدرّ عائداً، وارتفاع العائد عليها يعني تراجع الإقبال على الذهب. 

وبلغ أعلى سعر للذهب خلال أزمة كورونا عام 2020 حوالي 2075 دولاراً. 

من جانبه، اعتبر مدير الأبحاث في شركة "بولين فولت" لتبادل الذهب والفضة "أدريان آش"، في تعليق له مع "داس إنفستمنت"، أن سعر الذهب يميل إلى الارتفاع في حال حدوث نزاعات جيوسياسية مفاجئة. 

وأشار إلى أن هناك استنتاجات بأن أسعار الذهب لا ترتفع بشكل مفرط عندما يستمر العنف، حيث سرعان ما يعود إلى اتجاهات السعر الأساسي، مشدداً على أن مستقبل الذهب كملاذ آمن يعتمد على العديد من العوامل، ويجب على المستثمرين الاستمرار في مراقبة التطورات من كثب. 

في السياق ذاته، قالت محللة السوق في مجلس الذهب العالمي "لويزه ستريت"، لشبكة "ايه ار دي" الإخبارية الجمعة، إن "الطلب على الذهب يرتفع مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتوقعات بمزيد من المشتريات القوية من البنوك المركزية". 

البنوك المركزية تشتري كميات هائلة: 

وفق أرقام المجلس العالمي بلغ الطلب في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام حوالي 800 ألف طن من الذهب، وبزيادة 14% عما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، وهكذا استفاد الذهب في الفترة الأخيرة من ركود الدولار.  

وفي الربع الثالث وحده، اشترت البنوك المركزية 337.1 طنًا من الذهب، وهو ثالث أقوى ربع سنوي من المشتريات في سلسلة بيانات مجلس الذهب العالمي، والتي بدأت في عام 2000.  

تعقيبًا على ذلك، قال "جون ريد" كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: "الطلب القوي من البنوك المركزية يؤكد وجهة نظرنا بأن الزيادة في العام الماضي لم تكن مجرد زيادة لمرة واحدة".  

وتوقع أن يتجاوز الطلب على الذهب في العام الجاري ما تحقق في العام الماضي من طلب قياسي.  

وحسب التقرير نفسه، فقد قاد بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" الطلب بشراء الجزء الأكبر من الصفقات، حيث أضاف 78 طنًا خلال الربع الثالث واشترى 181 طنًا منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.  

ومع ذلك، اشترت البنوك المركزية الأصغر أيضًا كميات كبيرة، حيث اشترت بولندا 57 طنًا، بينما اقتنت تركيا 39 طنًا.  

وفي هذا السياق، قال كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي، إن حالة عدم اليقين الجيوسياسي كانت المحرك الرئيسي لطلب البنوك المركزية، حيث أضافت الحرب الحالية على غزة المزيد من الضغوط التصاعدية.