ما جدوى صرف ملايين الدولارات على انتخابات بلدية 'فارغة' في لبنان؟

في 31 مايو (أيار) 2023، تنتهي الولاية الممددة للمجالس البلدية في لبنان. ويفرض القانون تنظيم الانتخابات قبل ذلك التاريخ، لئلا تدخل السلطة المحلية في مرحلة الشغور التام. وتشهد البلاد سباقاً محموماً بين متمسك بقدسية المواعيد الدستورية، وموقف يراهن على التأجيل ولا يبدي حماسة لها.

وهنا يتساءل الصحفي "أنطوان الفتى" في تقرير نشرته وكالة "أخبار اليوم": "ما الجدوى من إجراء انتخابات بلدية بكلفة 8 مليون دولار (مثلاً)، في الوقت الذي يؤكد فيه أكثر من خبير ومُطَّلِع أن كلفة إقفال تطبيقات دولار السوق السوداء قد لا تصل إلى مليون دولار فقط؟".

ويوضح رأيه: "لسنا ضدّ المسارات الديموقراطية طبعاً، ولكن لا بدّ من تأكيد أنها (الديموقراطية) يجب أن تكون في خدمة الإنسان، وليس العكس".

ويجدد سؤاله: "ما الجدوى من أنشطة مالية واقتصادية تحصل في لبنان يومياً، بما يتناسب مع تطبيقات دولار السوق السوداء، وبكلفة مادية تصل إلى ملايين الدولارات، بينما يمكن إقفال تلك التطبيقات بكلفة قد لا تبلغ المليون دولار؟".

ويضيف: "وما الجدوى من أنشطة سياسية، وبلدية، ومناطقية… تحصل في البلد يومياً، رغم الانهيار المالي الكبير، وبكلفة تبلغ ملايين الدولارات، بينما يمكن إقفال تطبيقات دولار السوق السوداء بأقلّ من مليون دولار؟".

ثم يخلص إلى نتيجة مفادها: "في الواقع، نحن لا نحتاج إلى انتخابات بلدية تكلّف 8 مليون دولار، وهي ستؤخّر المناطق بدلاً من أن تطوّرها، وذلك تماماً كما أن الانتخابات النيابية العام الفائت زادت من الانهيار السياسي، والاقتصادي، والمالي، والأمني في البلد عموماً، بدلاً من أن تغيّر نحو الأفضل".

ويتابع: "احتفظوا بالملايين تلك، واستثمروها فيما هو جيّد ومُفيد. فالانتخابات البلدية بكلفة 8 مليون دولار، وسط ظروف فاسدة مماثلة لتلك التي نعيشها يومياً، لن تكون أكثر من استثمار فاشل. فالاستثمار الناجح خلال وقت قريب، هو اقتطاع مليون دولار من 8 مليون دولار (كلفة الانتخابات البلدية) لمكافحة تطبيقات دولار السوق السوداء، ومن بعدها يبدأ الحديث عن بلديات ومناطق ودولة وبلد".

ذلك فيما أكد مصدر مُطَّلِع على ملف البلديات للوكالة أن "الانتخابات البلدية لن تنفع بموازاة الانهيار الكامل في مؤسّسات الدولة. فالانهيار الذي وصلنا إليه، والذي ينعكس على تحلُّل كل شيء في الدولة لم يَكُن موجوداً في الأعوام السابقة. وهو ما يعني أن لا حاجة لإنفاق أموال على انتخابات، فيما لن تتمكّن البلديات من القيام بواجباتها خلال وقت منظور".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "الديموقراطية مهمّة عندما تضمن استقرار المناطق، أو الدول، أو الحكم. ولكن إذا كانت لا تغيّر شيئاً في الواقع كما هو الحال في لبنان، فعندها يجب البحث عن خيارات أخرى، بعيداً من شعبوية البعض في إظهار الحرص على الديموقراطية في لبنان من خلال الانتخابات البلدية".

وختم: "أما بالنّسبة لتمويل إقفال تطبيقات دولار السوق السوداء، فلو كانت كلفته 5 ليرات، وليس أقلّ من مليون دولار فقط، فإن ذلك لن يحصل. فهذه تطبيقات مدعومة ومُغطّاة، وبهوامش أرباح موزّعة على مجموعات ومجموعات. وبالتالي، لا فائدة من أي انتخابات، طالما أن لا إصلاح ممكناً على أي صعيد، سواء كان مناطقياً أو عاماً".