أصبحت كالورق... لماذا لا يتخلى لبنان عن ليرته ويعتمد الدولار كعملة رسمية؟

سقوط حر... هو أفضل ما يمكن أن يوصف فيه سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار في الفترة الأخيرة، فأكبر ورقة نقدية بالبلاد من فئة 100 ألف ليرة أصبحت قيمتها أقل من دولار واحد، وهي ضربة قاسية بعد أن كانت 66 دولارًا قبل الأزمة المالية في 2019.

في هذا الصدد، تقول "ليال منصور"، عالمة الاقتصاد المتخصصة في البلاد المعتمدة على الدولار، بحديثها لموقع "ميدل إست آي": "لقد فقدت الليرة اللبنانية دورها كعملة، لا نستطيع أن نتوقع أبدًا أن يستعيد لبنان الثقة في عملته اقتصاديًا أو نظريًا أو عمليًا".

هل يتخلى لبنان عن ليرته ويتم اعتماد الدولار رسميًا؟

يدور نقاش محتدم الآن في لبنان بخصوص إذا ما كان يجب على البلاد التخلي عن الليرة، فمنذ الثمانينيات، كانت نحو 60 إلى 70% من قروض وودائع البلاد بالدولار وكانت مصنفة بأنها "كثيرة الاعتماد على الدولار".

تعقيبًا على ذلك، تقول "منصور": "هذا واحد من أسوأ المؤشرات الاقتصادية... إذا كانت البلاد معتمدة على الدولار بنسبة صغيرة فمن الممكن معالجة الأمر، لكن في الاقتصاد اللبناني المعتمد بشدة على الدولار، لا يمكن العودة إلى الوراء وتصحيح العملة، لذا من الأفضل التخلي تمامًا عن عملتك المحلية".

في عملية الانتقال الكامل لاستخدام الدولار، قد يقرر لبنان رسميًا التخلي عن الليرة، وتبني استخدام الدولار بسعر صرف ثابت كوسيلة للدفع ووحدة حساب.

ثم فهناك طريق آخر للتخلي عن الليرة، يسميه اقتصاديو العملة "مجلس العملة" حيث تُشكل هيئة لإصدار عملة قومية جديدة، تُنشأ وتُربط بسعر صرف ثابت وتغطى بالدولار الأمريكي بنسبة 100%.

ومع ذلك، يقول "جوزيف بيطار"، أستاذ الاقتصاد بمدرسة "IESEG" للإدارة في فرنسا وخبير السياسات النقدية اللبنانية، إن السوق هو الذي يقرر أي العملات يفضل استخدامها، ويضيف "يجب ألا نتدخل في قوى السوق".

ويرى "بيطار" أن السوق سيتخلص من القطاعات غير المنتجة بما في ذلك الكثير من القطاع العام، الذي سيستمر الدفع له بالليرة، بينما سيفضل القطاعات المنتجة التي يُدفع لها بالدولار، ويقول: "دون إصلاح سياسي كبير، سيظل القطاع العام عقبة أمام تطور البلاد".

لكن "منصور" - المؤيدة للاتجاه الكامل نحو الدولار - تقول إنه دون أي رد فعل مؤسسي، فإن جودة الخدمات اللبنانية ستستمر في التدهور، وتضيف: "أزمة العملة في بلد معتمدة على الدولار لا نهاية لها".

وأكد بعض علماء الاقتصاد أن التوجه نحو الدولار سيخلق طبقتين - من يستطيعون الوصول إلى الدولار ومن لا يستطيعون - مما يزيد من اتساع تباين الدخل في البلاد، ومع ذلك يرى الخبراء أن تسعير البضائع بالدولار فقط ليس هو ما سيؤثر على تباين الثروة، ما سيؤثر حقًا هو القدرة على الوصول إلى الدولار كمصدر للدخل أم لا.

وقد وجدت دراسة الجامعة الأمريكية في بيروت أن 13% فقط من الأسر تستطيع الوصول إلى الدولار، بينما تبقى الغالبية العظمى دون دولار.