فضيحة اختلاس 19 مليار ليرة في مطار بيروت... هذه القصة الكاملة

تداولات الأوساط الإعلامية في لبنان مؤخرًا، فضيحة اختلاس مال عام في مطار بيروت بقيمة 19 مليار ليرة. وكان عدد المدّعى عليهم 15، بينهم موظّفون في المطار وعناصر من مصلحة الجمارك ومخلّصون جمركيون. واستجوب "شربل أبو سمرا"، قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت بعضهم أمس.

كيف بدأت القصة؟

مطلع كانون الأوّل الماضي، بدأ احتساب الرسوم الجمركية على دولار يساوي 15 ألف ليرة بدلاً من 1500، تطبيقاً لأحكام قانون موازنة العام 2022.

استباقاً لارتفاع الرسوم، سعى معظم التجّار والمستوردين، في مختلف القطاعات، إلى ملء مستودعاتهم ببضائع سيبيعونها لاحقاً بأسعارٍ مضاعفة، بذريعة التسعيرة الجديدة للدولار الجمركي، والتي لم يتكبّدوها في الأصل.

ونتيجة هذه "الشطارة" التي يحترفها تجّار الأزمات في لبنان لا تقتصر على الربح غير المشروع، بل تتحوّل إلى عمليات اختلاسٍ للمال العام. وهو ما حصل في مطار بيروت، في 30 تشرين الثاني الفائت.

في الساعات الأخيرة من اليوم الأخير لاستيفاء الرسوم الجمركية على سعر 1500 ليرة للدولار، وفق معلومات نشرتها جريدة "الأخبار"، استجاب أحد العسكريين التابعين لمصلحة الجمارك في المطار لطلب مخلّصين جمركيين تسجيل 15 بياناً (شحنة).

لكن عدد البيانات الكبير لفت انتباه أحد عناصر مصلحة المراقبة في الجمارك، فأبلغ رئيسه عن محاولة لتمرير كمية كبيرة من البضائع، معظمها أجهزة خليوية وحواسيب، إضافة إلى بعض الإكسسوارات والملابس. وتقدّر مصادر المجلس الأعلى للجمارك كلفة هذا التهرّب الضريبي والجمركي بنحو 19 مليار ليرة من الرسوم التي خسرتها خزينة الدولة. وإذا ما أُضيفت إليها الغرامات يتضاعف الرقم مرتين أو ثلاثاً.

وفي التفاصيل فإنّ طائرة حطّت في مطار بيروت عند الحادية عشرة من مساء ذلك اليوم، لكن البضائع دخلت إلى العنبر عند الواحدة فجراً، أي بعد ساعة من دخول قرار رفع سعر الدولار الجمركي حيّز التنفيذ.

هنا، تشير المصادر إلى خلافٍ بين وجهتي نظر. إحداهما تقول بالاعتداد بساعة وصول الطائرة، والثانية تتبناها مصلحة المُراقبة، وتعتدُّ بساعة دخولِ البضاعة إلى العنابر.

وعلى هذا الأساس، بدأت المصلحة تحقيقاتها الإدارية الأوّلية، وقرّر المجلس الأعلى للجمارك وضع عددٍ من موظّفي الجمارك في التصرّف.

ومع انتهاء التحقيق، أحال مدعي عام التمييز القاضي "غسان عويدات" الملف إلى شعبة المعلومات التي أنهت تحقيقاتها، ليحوّل مدعي عام التمييز الملف إلى النيابة العامة العسكرية.

إلا أن مفوّض الحكومة القاضي "فادي عقيقي" اعتبر أنّ القضية من اختصاص النيابة العامة المالية، بما أنّها قضية اختلاس مالٍ عام. وهكذا حصل، إذ ادّعى النائب العام المالي القاضي "علي إبراهيم" على 15 شخصاً بجرائم اختلاسِ أموالٍ عامّة وتزوير واستعمال المزوّر وتقاضي رشى والإثراء غير المشروع ومخالفة قانون الجمارك.

وتلفت المصادر إلى أن ستة من المدعى عليهم جرى توقيفهم. ومن بين الـ 15 المدّعى عليهم، 4 عناصر من مصلحة الجمارك (مدنيان وعسكريان)، و4 مخلّصين جمركيين اثنان منهم موقوفان هما ن. ن. و ج. ب.، و7 آخرون يعملون في شركاتِ شحنٍ. وقد أحال إبراهيم، الخميس الفائت، الموقوفين إلى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت "شربل أبو سمرا".

وأكدت جريدة "الأخبار" أن "أبو سمرا" استجوب الموقوفين، وتركهم رهن التحقيق. إلا أنّ النيابة العامة الاستئنافية في بيروت استأنفت قرار الترك. وسيعود للهيئة الاتهامية اليوم أن تقرر المُصادقة على قرار أبو سمرا أو تركهم موقوفين. على أن يستكمل العمل بالملف الأسبوع القادم، ويستجوب بقية المدعى عليهم غير الموقوفين.