فيسبوك يدفع ثمن انحيازه غاليًا... تعرف على أهم العواقب الاقتصادية لانخفاض تقييم تطبيقه

طوال الأسابيع الماضية، شنّ عشرات آلاف المستخدمين من شتى أرجاء العالم -الذين حاولت فيسبوك (Facebook) عبر منصاتها المختلفة كتم أصواتهم- حملة ضخمة لخفض تقييم تطبيق فيسبوك على متجري "غوغل بلاي" (Google Play) و"آب ستور" (App Store) بإعطاء نجمة واحدة فقط ضمن مقياس من 5 نجوم لتقييم التطبيق عبر المتجرين، وذلك في أعقاب اتهامات صارخة لمنصة فيس بوك بتحيزها لصالح الاحتلال الإسرائيلي خلال الأحداث الأخيرة.

أما شركة فيسبوك، في محاولة أخرى منها لاحتواء الأزمة، فقد قدمت عبر منصتها اعتذارًا للشعب الفلسطيني ومناصري قضيته في أنحاء العالم، ملقية اللوم على الخوارزميات في محاولة منها للتنصل من مسؤوليتها وانحيازها لإسرائيل.

أرباح فيسبوك تسجل أول انخفاض منذ 52 أسبوع:

أتت الحملة المكثفة ضد الموقع الشهير أكلها بسرعةٍ فائقة إذ انخفض تقييم التطبيق في 29 من شهر مايو/أيار الجاري من 4.9 نجمات إلى 1.9 في "آب ستور" و2.3 عبر متجر "غوغل بلاي".

كذلك انخفض سعر أسهم الشركة أول مرة منذ 52 أسبوعا بنحو 0.75% للسهم الواحد لتبلغ قيمته 316.2 دولارًا أميركيا بعد أن كانت قيمته قبل الحملة 319 دولارا، وذلك حسب موقع "ماركت ووتش" (MarketWatch) الذي يعد أكبر موقع لرصد أسهم الشركات الكبرى في البورصة العالمية.

في الاتجاه المقابل وبينما يعتقد البعض أن هذا الانخفاض ليس بالأمر الجلل بالنسبة لشركة عملاقة مثل فيسبوك إلا أن مدراء الشركة كان لهم رأيٌ آخر. إذ شُكّلت خلية أزمة للتعامل مع الحملة بمنتهى الجدية، وصُنّفت على أنها "بالغة الخطورة" على سمعة ومستقبل الشركة التي تكافح جاهدة للبقاء على عرش منصات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، وتواجه منافسة شرسة في هذا المجال.

كذلك تواصلت إدارة الشركة مع إدارتي شركتي آبل وغوغل لإزالة التقييمات السلبية في متجري التطبيقات التابعين لهما لكن آبل رفضت الطلب، وتلكأت غوغل في تلبيته حتى الآن، وما زالت التقييمات منخفضة جدًا حتى اللحظة.

ما تخشاه فيسبوك بحق:

تقول "علا الفرواتي" الناشطة والخبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسة لشركات عدة في التسويق الإلكتروني وتكنولوجيا المعلومات "إن التقييم السلبي له آثار مباشرة قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى، وفيسبوك تخشى الآثار بعيدة المدى أكثر لأنها ستكون وخيمة العواقب بسبب فقد ثقة المستخدمين، خصوصا لدى فئة الشباب صغار السن الذين سيكبرون وهم يحملون فكرة سابقة من آبائهم بأن فيسبوك منحازة وغير جديرة بالثقة، وهو ما سيدفعهم لهجرها لمصلحة منصات تواصل اجتماعي أخرى لا تحمل هذه السمعة."

وفي الحقيقة فإن هذا هو الرعب الحقيقي لدى فيسبوك، وهو فقد ثقة الأجيال الجديدة من المستخدمين وتحولهم إلى منصات أخرى منافسة.

وتضيف "الفرواتي" أن "الآثار قريبة المدى تتمثل في أن التقييم السلبي سيؤثر فيها بصورة مباشرة بنزول ترتيبها في محركات البحث على آب ستور وغوغل بلاي، وهو ما سيؤدي إلى تحول المعلنين لإعلان منتوجاتهم وبضائعهم في منصات أخرى لأن الفئات ذات القوة الشرائية من المستخدمين قد هجرته، خصوصا إذا عرفنا أن عائدات الإعلانات تمثل الجزء الأكبر من دخل فيسبوك إذ بلغت 25.4 مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة تصل إلى 46% من مجمل دخل الشركة".

وأشارت "فرواتي" إلى أن "الهم الأكبر لفيسبوك ومنذ سنوات طويلة كان المحافظة على مكانتها على عرش التطبيقات الاجتماعية، وهو ما دفعها لتخصيص أموال طائلة للاستحواذ على الشركات المنافسة كما حدث باستحواذها على إنستغرام (Instagram) وواتساب (WhatsApp)، ولكنها أخفقت في امتحان إبعاد توجهاتها السياسية المعادية للشعب الفسطيني في منصاتها كافة، وهو الأمر الذي تابعه المستخدمون في جميع أصقاع العالم، وسيؤدي إلى خسارة ثقة المستخدمين حتى لدى أولئك الذين لا تهمهم القضية الفلسطينية، فهم سيسألون أنفسهم: هل ستتخلى عنهم فيسبوك وتحاربهم عندما يكتبون عن قضاياهم السياسية والاجتماعية الخاصة بهم في بلدانهم؟".

التقييم بـ نجمة واحدة هو أكثر من مجرد تقييم:

 يشرح "يزن الصوالحة" الخبير والمدون في مجال تكنولوجيا المعلومات ومنصات التسويق الإلكتروني بأن "تقييم التطبيقات المختلفة عبر متجري غوغل بلاي وآب ستور يعدّ أحد أهم وسائل تسويق التطبيق وانتشاره، وانخفاض تقييم تطبيق فيسبوك بسبب هذه الحملة العالمية سيكون له عواقب كبيرة على انتشاره، وجني الفوائد عبر التسويق من خلاله. فالتطبيق الذي يحصل على تقييم فوق 4 نجوم مثلا سيظهر لمزيد من المستخدمين والعملاء المحتملين، وهذه هي إحدى وسائل الإقناع التسويقية التي يستخدمها المتجر لمكافأة التطبيقات ذات التقييم العالي".

ويضيف الخبير التقني أنه في حال انخفض التقييم فإن هذا سيؤثر بوجه مباشر في تصنيف التطبيق نفسه، ويمنع ظهوره كأحد التطبيقات المقترحة بفئته من قبل المتجر الإلكتروني، ومن ثم سيؤثر في ظهور التطبيق في محركات البحث، وعند حصول أي تطبيق على تقييم أقل من 3 نجمات تصبح فرصه التسويقية أقل بكثير داخل المتجر، وهو ما سيؤثر بصورة مباشرة في العوائد المالية التي يمكن أن يجنيها.

ويتابع "الصوالحة" أن "التأثير سيكون أكبر على الشركة المطورة للتطبيق حيث إن التقييمات السيئة ستؤثر في سعر التداول لأسهم الشركة وذلك سيؤدي إلى خسائر مادية كما حدث خلال الأحداث الأخيرة إذ انخفض سعر أسهم شركة فيسبوك في البورصات العالمية، وبلغت الخسائر المباشرة أكثر من 5 ملايين دولار حسب تقارير التداول للمنصة.

المصدر: الجزيرة نت.