تعرف على مشروع الحاسوب الخارق الذي خصصت ألمانيا ملياري يورو لتطويره

أعلنت ألمانيا تخصيص ملياري يورو لصنع جهاز كمبيوتر "كمومي" Quantum Computer، بحلول عام 2025، في ظل طموحها لأن تصبح من البلدان الرائدة في هذه التكنولوجيا التي من شأنها إدخال تحويلات جذرية على الصناعة المعلوماتية.

وتستغل "تكنولوجيا الكم" القدرات المذهلة الموجودة في المادة على المستويات فائقة الصغر (كالذرة والأيون والفوتون والإلكترون). ومن شأنها على المدى الطويل السماح بتطوير حواسيب تتمتع بقدرات حسابية تفوق بشكل هائل تلك الموجودة في أقوى المعالجات الحسابية الموجودة حاليا.

وسيوزَّع هذا المبلغ المخصص بالكامل من الخزينة العامة، بين وزارة البحث التي ستحصل على 1,1 مليار يورو، ووزارة الاقتصاد التي ستنال 878 مليون يورو، وفق ما أفاد به بيانان منفصلان، أمس الثلاثاء الموافق ل 11 من أيار.

وقالت وزيرة البحث الألمانية أنيا كارليتشيك: "هدفنا تطوير حاسوب كمومي تنافسي في ألمانيا خلال السنوات الخمس المقبلة وإنشاء منظومة مرتبطة به من المستخدمين المحتملين".

وأوضح وزير الاقتصاد "بيتر ألتماير" أن الهدف من هذه الخطوة يكمن في "إنشاء قاعدة صناعية بسرعة كبيرة لاستخدام الحواسيب الكمومية والإفادة من قدراتها".

وتندرج الميزانيات المرصودة في إطار رزمة للإنعاش الاقتصادي بقيمة 130 مليار يورو، قررتها حكومة الائتلاف بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل في حزيران/يونيو 2020 لتطويق التبعات الاقتصادية المتأتية من جائحة كوفيد-19.

وتشمل الخطة الألمانية 50 مليار دولار لتطوير مجالات عدة بينها الطاقة الهيدروجينية والذكاء الاصطناعي والتقنيات "الكمومية"، في بلد تستحوذ الصناعة فيه على نحو ربع إجمالي ناتجه المحلي.

وترغب المفوضية الأوروبية في أن يطور الاتحاد الأوروبي أول حاسوب كمومي قبل نهاية العقد الحالي، لتعزيز السيادة التكنولوجية الأوروبية في مواجهة الصين والولايات المتحدة.

ما المميز في الحواسيب الكمومية؟

تعتمد هذه الحواسيب على أكثر الأقسام غموضًا وإثارةً للجدل في علم الفيزياء الحديث، التي تسمى الفيزياء الكمومية. ظهرت نظريات الفيزياء الكمومية والمعادلات الرياضية المرتبطة بها في مطلع القرن العشرين. وتعتبر نوعًا غير تقليديٍ من الفيزياء، بل تتعارض مع كل المفاهيم السائدة فيها، وتنظر إلى المادة باعتبارها مكوّنة من موجات وجسيمات مندمجين معاً.

ويسود بين علماء الكمبيوتر اتفاق على أنّ "التفوّق الكمي" يشكل الخطوة الأولى في التقدم صوب مرحلة من التطور يمكن أن تؤدي إلى تغيير العالم. نظريًا، تستطيع الحواسيب الكمومية معالجة البيانات بوتيرة تتخطّى بأشواط ضخمة سرعة أجهزة الكمبيوتر الموجودة اليوم، بالتالي يمكنها أن تغير بشكل أساسي فهمنا لقدرات الآلات الذكية والذكاء الاصطناعي.

إن أحد أكثر التطبيقات الواعدة للحواسيب الكمومية هو محاكاة سلوك المادة وصولًا إلى المستوى الجزيئي. فشركات تصنيع السيارات مثل فولكس فاجن ودايملر تستخدم حواسيب كمومية لمحاكاة التركيب الكيميائي لبطاريات السيارات الكهربائية بهدف مساعدتها على إيجاد طرق جديدة لتحسين أدائها. وتقوم شركات مستحضرات الأدوية باستخدامها لتحليل ومقارنة المركّبات التي يمكن أن تقودها إلى إنتاج عقارات جديدة.

كما وتعد هذه الآلات رائعة أيضاً بالنسبة لمسائل البحث عن الحلول الأمثلية، لأنها قادرة على معالجة عدد هائل من الحلول المحتملة بسرعات خارقة. فشركة إيرباص على سبيل المثال، تستخدم هذه الآلات لتساعدها في حساب مسارات الصعود والهبوط الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود بالنسبة للطائرات. وقد كشفت فولكس فاجن الستار عن خدمة تقوم بحساب الطرق الأمثلية للحافلات وسيارات الأجرة ضمن المدن لتخفيض الازدحام إلى الحد الأدنى. كما أن بعض الباحثين يعتقدون أيضاً أنه يمكن استخدام الآلات الكمومية في تسريع الذكاء الاصطناعي.

إن الأمثلة المذكورة أعلاه ما هي إلا غيضٌ من فيض ما ستستطيع الحواسيب الكمومية عمله، لكن تطوير هذا المجال الواعد بالشكل المطلوب سيستغرق فترة من الزمن وسيكلف الكثير.

المصدر: العربية.نت + تكنلوجي ريفيو