الحكومة السورية تحبس السيولة في البنوك... والتجار يدفعون للسماسرة أرقاماً كبيرة لسحب أموالهم
مع لجوء المصرف المركزي السوري إلى اتباع سياسة "حبس السيولة" في البنوك منذ أوائل شهر نيسان الجاري، ومنع التجار من سحب كميات كبيرة من أموالهم المودعة في البنوك، يضطر كثير من التجار إلى دفع عمولات للسماسرة أو نسبة من المال، مقابل مساعدتهم في سحب أموالهم من البنوك.
الحكومة السورية تتبع سياسة "حبس السيولة"
وبحسب محليين اقتصاديين، فإن المصرف المركزي يواصل تنفيذ سياسته في حبس السيولة. بهدف خنق الأسواق وتجميد الحركة التجارية، والإبطاء بحركة توزيع المازوت والبنزين إلى المحافظات، واستمرار قطع التيار الكهربائي بشكل شبه تام، للوصول بالأسواق إلى حالة الجمود لضمان تخفيف الطلب على الدولار والعملات الأجنبية. وبالتالي تحسن قيمة الليرة السورية بسبب قلة المعروض من العملة أيضاً.
سحب الأموال يكلف التجار أرقاماً باهظة!
ومع امتناع البنوك، دفع أموال التجار لديها المودعة بالليرة السورية. لم يبقَ أمام كثير من التجار الذين يحتاجون للأموال للتحرك بها في السوق. أو لدفع بعض المستحقات. سوى دفع الرشاوي الكبيرة إلى أحد السماسرة المعروفين، للتوسط وسحب الأموال المحبوسة لدى البنك.
وبحسب بعض المصادر، فإن السماسرة باتوا يشاركون التجار في أموالهم المودعة في البنوك. من خلال اشتراط الحصول على مبالغ هائلة. أو أخذ نسبة معينة من المبلغ المراد سحبه. حيث وصلت كلفة سحب الـ ١٠٠ مليون ليرة سورية إلى نحو ٧ ملايين ونصف.
حال الأسواق السورية مع "حبس السيولة"
وأصاب الأسواق السورية المحكومة بسياسة "حبس السيولة" المستمرة في حلب ودمشق وحماه وحلب. حالة من الجمود، بعد أن حُكمت بقبضة المصرف المركزي. مع انعدام حدوث أي ارتداد فيها لضعف السيولة فيها، فيما يتداول في الأسواق حالياً كتل المال التي هي خارج سيطرة البنوك. أو تلك التي أُفرج عنها بالأجرة عن طريق السماسرة. وهذا ما ساهم في استقرار الأسواق إلى حد ما وحسّن من سعر الصرف. ولكنه استقرار سلبي.
وبحسب بعض المراقبين، فإن الأسواق لا تعبر عن الواقع أبداً. بسبب خضوعها لسياسة المحاصرة وتوقف حركة التجارة بسبب حبس الأموال في البنوك. ومع اعتبارها "سياسة مؤقتة"، فإن كل ما يجري يسير بشكل حذر مع تخوف كبير. لعدم معرفة الوقت الذي ستُحرر فيه الأموال وتُطرح للتداول من جديد.
سبب لجوء المصرف المركزي إلى حبس السيولة
ويستفيد المركزي السوري من هذه السياسة، بتقليل المعروض من الليرة السورية في الأسواق، ومع ارتفاع الطلب على العملة المحلية سيطرح التجار وأصحاب الأموال ما لديهم من دولار مقابل تأمين ما يلزمهم من الليرة للتحرك به في الأسواق، وهذا ما يساهم بخفض سعر صرف الدولار. ولكن بشكل آني مؤقت وليس بشكل مستمر.
كما سيزداد طرح الناس للدولار المُرسل إلى سورية بالحوالات الخارجية مقابل الحصول على الليرة السورية لتغطية مستلزمات المعيشة، وبالتالي سيؤمن هذا الدولار جزءاً من المبالغ التي تحتاجها الحكومة لتغطية فواتير استيراد النفط والقمح والمواد التجارية الأساسية، ولكن ذلك سيكون أيضاً مؤقتاً وسيقابله الشلل التام في الحركة التجارية الداخلية وحركة التصدير الخارجية.
مخاطر الاستمرار بحبس السيولة
وباتت عجلة التجارة في الأسواق السورية شبه متوقفة. رغم حلول شهر رمضان المبارك الذي هو بمثابة ذروة الموسم لكثير من المجالات. والسبب الرئيس في ذلك هو "قضم السيولة" وعدم دفعها لأصحابها، وتجفيف منابع الليرة السورية. وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر طويلاً لأنه سيؤدي إلى الشلل التجاري التام والعجز الاقتصادي الكامل. في الوقت الذي باتت فيه الأموال والأسواق الخارجة عن سيطرة المصرف المركزي هي المتنفس شبه الوحيد للتجارة.