هل حاكم مصرف سوريا المركزي المُقال (قرفول) هو سبب انهيار الليرة السورية؟

ضجت العديد من وسائل الإعلام والصفحة المهتمة بنشرالأخبار السورية، بتناقل خبر إقالة حاكم مصرف سوريا المركزي "حازم قرفول" يوم أمس الاثنين 13 نيسان. غير أن كثير من هذه المنشورات حاولت -مدفوعة ربما من جهات رقابية أو حكومية- الاستفادة من الخبر إيجابياً لتحسين قيمة الليرة السورية. من خلال تحميل "قرفول" مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري.

ماذا يحدث عادة عند إقالة حاكم المصرف المركزي؟

لدى مراقبة ردة الفعل التي تصيب اقتصاد الدول عند اتخاذ قرار من حجم إقالة أعلى مسؤول في البنك المركزي لديها. نرى أن مثل هذا الحدث يهوي بالعملات المحلية والأسهم ويسبب -ولو مؤقتاً- تراجعاً إضافياً في اقتصاد البلاد.

ولدينا مثال قريب جغرافياً وزمانياً… ففي تركيا البلد المجاور لسوريا، والتي تعاني اقتصادياً من التضخم وهبوط سعر الصرف وإغلاقات كورونا. ولكن بشكل لا يقارن أبداً بالوضع الاقتصادي السوري. سبب إقالة الرئيس التركي لمسؤول البنك المركزي بانهيار العملة أكثر من 10 في المائة من قيمتها. بسبب الأثر السلبي ومؤشر عدم الاستقرار المالي المترافق مع قرار الإقالة. وخاصة بعد يومين من رفع سعر الفائدة وتحسن الليرة التركية.

بينما في الوضع السوري… نرى أن الإقالة لم تأتي في أسوأ ظروف الليرة السورية، بل على العكس. فقد أتت في خضمّ تحسن العملة، ربما لعدم التسبب بانهيارها أكثر. بينما نرى أن الحملة غير المباشرة على الحاكم السابق، والإيحاء بأن عزله سيكون تخليصاً للاقتصاد ممن تسبب بانهياره. قد تركت أثرها الإيجابي. وتسببت بتحسن إضافي في سعر صرف الليرة السورية.

هل حاكم مركزي سورية يتحمل المسؤولية منفرداً؟

لدى تقييم قرارات "حازم قرفول"، لا بد في البداية من الانطلاق من إحدى المسلّمات في سورية، وهي أن القرارات المتخذة غالباً ما تكون صادرة عن مجموعة من المسؤولين، وليست من مسؤول واحد، وهذا لا ينفي المسؤولية عن الجميع، وبالتالي فإن قرارات "قرفول" لا بد وأن تكون قد خضعت لموافقات من هم أعلى منه في المسؤولية، سواء رئاسة الوزراء أو الرئاسة السورية.

وفي مقال نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من الحكومة السورية، نقل المقال عن مصادر لم يسمها، أن "قرفول" أقصي عملياً وتم تجميده في الأسابيع الأخيرة، حيث تم تشكيل لجنة برئاسة نائبه وأعضاء مجلس النقد والتسليف وخبراء ماليين، وبحسب مصادر الصحيفة فإن هؤلاء قدموا مقترحات نتج عنها انخفاض سعر الصرف مؤخراً، وبذلك تكون الصحيفة قد عرّت "قرفول" من أي إيجابيات، عدا عن تشكيكها بنزاهته وسوء إدارته!

وما يظهر صحة كلامنا السابق، والحملة الموجهة ضد "قرفول" والكلام حول تجميده، فقد كان يوم الاثنين 12 نيسان، مجتمعاً في مقر القيادة المركزية لحزب البعث، مع المكتب الاقتصادي المركزي للحزب الذي يرأسه "عمار السباعي" عضو القيادة المركزية لـ"البعث". ونقلت صفحة "حزب البعث" عن "قرفول" تأكيده خلال الاجتماع على أهمية العمل لتحقيق الاستقرار بسعر الصرف نتيجة التذبذب الحاصل وأثره على السوق العام وتحسين بيئة الاستثمار…

الاقتصاد السوري في فترة "حازم قرفول"

أما في نتائج حقبة حكم "قرفول" للمصرف المركزي، فمن المعروف أن الليرة هبطت وخسرت أضعاف قيمتها خلال هذه الفترة، حيث كان سعر صرف الدولار عند تعيينه في أيلول 2018، نحو 470 ليرة سورية. ثم بدأت الليرة بالانهيار حتى وصلت ذروة هبوطها في 2020 إلى 3175 ليرة للدولار.

ثم واصلت الانهيار لتسجل في 17 آذار 2021 سعراً بلغ 4730 ليرة، وهو أدنى انخفاض تاريخي لليرة السورية. بسبب تشديد العقوبات وانهيار المجالات الاقتصادية والتضخم المرافق لطرح فئة نقدية جديدة بقيمة 5 آلاف ليرة. فيما تحسنت الليرة في الشهر الأخير لتصل إلى حدود 3200 ليرة للدولار في 14 نيسان الجاري. (شاهد سعر صرف الدولار في سوريا).

ولدى مراجعة تحركات "قرفول" أثناء رئاسته المصرف، نرى أنه اتخذ العديد من القرارات في سبيل تحسين الليرة، فعقد في عام 2019، اتفاقية ثنائية مع البنك المركزي الإيراني، لتأسيس لجنة مصرفية مشتركة، وفي ذات العام أعلن أن موارد المركزي ستخصص لتمويل الدولة والسلع الأساسية فقط، وفي 2020 اجتمع مع الأمن الجنائي لتنسيق تشارك الطرفين في تشدد في العقوبات لكل من يثبت تعامله بغير الليرة، أو نشر "مزاعم كاذبة" لإحداث عدم استقرار فيها. بينما في 2021 اتخذت قراراته شكلاً أمنياً في الاستيلاء على مكاتب للصرافة ووضع اليد على عملاتها.