الحكومة السورية أمّنت الدولار للتجار بسعر قريب من السوق... ما هو هدفها؟ ولماذا التسليم بعد 10 أيام؟
أثار قرار الحكومة السورية الأخير حول تأمين الدولار للتجار بسعر قريب من سعره في السوق السوداء أمام الليرة السورية، استغراب الكثير من المراقبين والمحللين، وهو ما جعلهم يبحثون عن جدوى هذا القرار وهدفه، وخاصة مع التشديد الأمني الكبير على حيازة المواطنين للعملات الأجنبية أو التعامل بها.
القرار القاضي بتأمين الدولار للتجار والصناعيين
وأصدرت الحكومة السورية قبل أيام. قراراً يقضي ببيع القطع الأجنبي (الدولار على وجه الخصوص) لمن يحتاجه من التجار والصناعيين. لتمويل مستورداتهم. على أن تتم عملية البيع عن طريق شركات الصرافة بسعر 3375 ليرة سورية للدولار الواحد.
وتوضيحاً لتفاصيل القرار… أفاد رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق "فايز قسومة". بأن تسليم الدولار للمشتري قد يكون بعد يوم إلى عشرة أيام من طلبه، وأوضح أن من المتوقع أن تعمل جميع شركات الصرافة بالقرار، وليس شركات معينة.
ما أهداف قرار تأمين الدولار للتجار والصناعيين؟
الهدف المباشر من القرار…
الهدف الرسمي المعلن من قبل الحكومة على لسان رئيس القطاع الغذائي في غرفة صناعة دمشق وريفها "طلال قلعه جي". هو "ضبط سعر الصرف ودعم القطاع الغذائي لتخفيض الأسعار وتوازن السوق المحلية".
الهدف البعيد من القرار…
وحول وجود أهداف أخرى غير معلنة، قال الباحث والمحلل الاقتصادي السوري "يونس الكريم" إن الحكومة تهدف من القرار. إلى ضبط سعر صرف الدولار في سورية، ودفع الشمال السوري لعرض الدولار المتوفر لديه أكثر. بهدف استجراره إلى الحكومة مقابل الليرة السورية.
وأضاف الباحث الاقتصادي السوري، أن الحكومة السورية سحبت خلال الفترة الأخيرة كمية كبيرة من العملة السورية من مناطق الشمال السوري وشمال شرق سوريا - وهي مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة-. ومع واقع تعامل معظم أهالي هذه المناطق بالليرة السورية. سيضطر الناس إلى عرض الدولار للحصول على العملة المحلية للقيام بالعمليات الاستهلاكية. وخاصة مع إصرار الإدارة الذاتية الحاكمة لشمال شرق سوريا على استمرار التعامل بالليرة السورية.
لماذا تسليم الدولارات المؤمنة للتجار بعد 10 أيام!؟
وأوضح الاقتصادي السوري "يونس الكريم"، أن الحكومة لجأت إلى تأجيل تسليم المبالغ المشتراة من الدولار إلى التجار المستوردين بهدف "تجميد الطلب". والسيطرة على سوق المضاربة بتجميده. وبالتالي عدم لجوء التجار إلى استخدام القطع الأجنبي بالمضاربة وتجارة العملات.
وأضاف أن العشرة أيام هذه هي لتدوير العملة بعد تجميع الدولار من المواطنين، ويدل هذا على أن دورة الدولار في غاية البطء والسوء بسبب ضعف الحركة الاقتصادية في سورية. حيث عادة ما تكون الدورة النقدية المتعلقة بالقطع الأجنبي أسرع الدورات المالية.
من أين ستؤمن الحكومة الدولار المطلوب للتجار والصناعيين؟
وعن مصدر النقد الأجنبي، قال "يونس الكريم" إن الحكومة السورية لا تستطيع إنتاج تأمين الدولار، فهي تأمنه عن طريق المضاربة، وأضاف: "حتى المضاربة والدورة النقدية الناتجة عنها أيضاً ضعُفت وماتت، بسبب قرارات المصرف المركزي وتفشي كورونا والعقوبات الاقتصادية وتعامل الشمال السوري بالليرة التركية والدولار".
هل التجار مستفيدون من القرار؟
من المؤكد أن التجار السوريون سيتفيدون من قرار تأمين الدولار لهم بسعر أفضل من سعر السوق، ولكن هذا قد يكون في المرحلة الأولى فقط، حيث اقترب سعر السوق كثيراً من "سعر المنصة" الذ تم إعلانه للتجار، وربما بعد يوم أو أيام سيكون سعر السوق أفضل للتجار من السعر الحكومي المخصص لهم وخاصة أن التسليم بعد نحو 10 أيام، ناهيك عن وجود خلل في شرعية العقد في حال عدم تقابض الطرفين للعملتين في ذات الوقت، وهو ما يسمى بـ"ربا النسيئة".
ومن ناحية أخرى… وبحسب "يونس الكريم"، فإن الخطوة ستتسبب بخسارة للتجار نتيجة ترافق التصريف بهذا الشكل مع الرقابة الكاملة على الأسعار مع السعي لضبطها على حساب التاجر، حيث سيتم إرسال الحكومة للضابطة الجمركية لمتابعة الأسعار التي ستكون مكشوفة أكثر بالنسبة إليها.