التاجر يخسر لكن سنجبره على السعر المحدد... سياسة حكومية متناقضة بحجة محاربة الغلاء

عاشت الأسواق السورية خلال المرحلة الماضية تخبطاً كبيراً آل بها إلى حالة عطب استثنائية لم يشهد لها السوريون مثيلاً من قبل. حيث استفحل التضخم وأصبحت الأسعار تتغير كل يوم، بل كل ساعة حسب مشاهدات بعض المواطنين. ونتج عن ذلك توجه عدد كبير من التجار وأصحاب المحال إلى التسعير بالدولار ضمنياً مدعين بأنها الطريقة الوحيدة لا للكسب بل لإيفاء الحد الأدنى من رأس المال. واتبعت الحكومة في هذا السياق سياسات متضاربة ومتناقضة بحجة محاربة الغلاء مما زاد الوضع توتراً وسوءً.

مدير حماية المستهلك: سنلزم التاجر بالبيع وضمن السعر المحدد

اعتبر مدير حماية المستهلك في الوزارة "علي الخطيب" بأن رفض أصحاب المحلات التجارية بيع المستهلكين أمر مخالف للقانون، مبيناً أن الوزارة تعتبر الامتناع عن البيع إحدى المخالفات الجسيمة التي تستوجب الإغلاق والغرامة.

وأكد الخطيب على أن حماية المستهلك ستنصف صاحب الحق، وتلزم التاجر بالبيع ضمن السعر المحدد، والإعلان عن السعر، كما ستقوم بمخالفة التاجر في حال رفضه بيع البضاعة أو احتكارها، بقصد البيع بسعر مرتفع، أو غيره من الأسباب.

ولفت الخطيب إلى أن الامتناع عن البيع مخالفة جسيمة، معتبراً أنه لا يوجد مبرر لمناقشة المخالفين بالأسعار، ومن الأسهل على المستهلكين التواصل مع الوزارة، من دون الاضطرار للملاسنات التي لا تفضي إلى نتيجة حقيقية.

مسؤول آخر: التاجر يخسر ولا يمكنه البيع!

كشف أمين سر اتحاد غرف التجارة السورية "محمد الحلاق"، بأن حركة البيع والشراء في الأسواق معدومة حالياً نتيجة ضعف القوة الشرائية للمواطن وعدم تناسب الدخل مع الأسعار الحالية. وذلك بسبب إجراءات أدت منعكساتها إلى ضعف بيئة الأعمال ونتيجةً لذلك لم يعد التجار يرغبون بالعمل.

وتحدث الحلاق بخصوص إغلاق بعض التجار محالهم خلال الفترة الحالية وعزوف البعض عن البيع، مبيناً بأن الأسباب المباشرة لذلك تكمن في عدم استقرار التشريعات والتصريحات الحكومية بموضوع التهرب الضريبي أو الفوترة والتي أثرت بشكل سلبي في التجار، حيث أصبح التاجر يفضل الجلوس في المنزل على البيع والشراء. إضافة لأسباب أخرى قال إنها "غير مباشرة" أبرزها ضعف القوة الشرائية والذي يمنع دوران رأس المال بشكل جيد فضلاً عن تذبذب وعدم استقرار سعر الصرف.

وأكد الحلاق أن التاجر يخسر حالياً على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل يومي، موضحاً بأن تاجر الذهب على سبيل المثال يبيع اليوم أي قطعة ذهبية بسعر ومن ثم يقوم بشـرائها مع ارتفـاع سعر الصـرف بسعر أعلى.

محاربة الغلاء أم محاربة التجار؟

 في ظل العقلية الأمنية والتعامل المتناقض مع الأزمة، بات يتساءل العديد من المراقبين والمطلعين على الوضع السوري حالياً، هل ما تقوم به الحكومة يندرج تحت إطار محاربة الغلاء والتضخم، أم أن الأمر تحول إلى عملية جباية وتضييق على التجار وأصحاب رؤوس الأموال لتحميلهم وزر الأزمة؟!

موضوع متعلق: مع الغلاء الفاحش وانهيار الليرة... حركة الأسواق شبه منعدمة واستشاري حكومي يوجه للشراء بـ"الحبة"