كيف تحافظ عملات دول الخليج على استقرارها حتى في أعتى الأزمات؟!

بنظرة بسيطة على الرسم البياني لتغير إحدى عملات دول الخليج مقابل الدولار (الريال السعودي على سبيل المثال)، سنرى أن هذه العملة تتحرك بشكل أفقي لفترات طويلة، والتغيرات التي تحدث تكون ضمن نطاق ضئيل للغاية. وهذا ما يقودنا إلى السؤال الذي ابتدئنا فيه عنوان المقال، كيف تحافظ هذه العملات على استقرارها وثباتها بهذا الشكل اللافت؟

سعر الدولار الأمريكي مقابل الريال السعودي خلال أسبوع واحد (الفرق بين أعلى وأدنى سعر لا يذكر)

 في البداية لا بد من إيضاح أن العملات في العالم تنقسم إلى قسمين أولهما المثبتة مقابل عملة عالمية معتبرة (الدولار غالباً)، والثاني معومة خاضعة للتغير وفقا لآليات السوق.

ماذا يعني أن تقوم دولة بتثبيت عملتها مقابل الدولار؟

هو أن تقوم الدولة بربط عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي، وتتحكم في سعر عملتها عن طريق بنكها المركزي بشكل يدوي غير خاضع لمتغيرات وتجاذبات السوق المحلية على المدى القريب. فتقوم الدولة بخفض عملتها كلما انخفض الدولار، ورفعها كلما ارتفع.

والهدف الأساسي من هذه الخطوة غالباً ما يكون لغاية الحفاظ على قيمة العملة الوطنية ضمن نطاقِ سعرِ صرفٍ مُعيّنٍ وثابت.

وتعود بدايات عملية ربط العملة إلى اتفاقية "بريتون وودز" في العام 1944، وذلك في سعي الدول لإنشاء نظام مالي مستقر بعد الحرب العالمية. ويعتبر اليورو وصيف الدولار، كثاني أكثر عملة رسمية ترتبط فيها عملاتُ دولٍ أخرى.

كيف تحافظ عملات دول الخليج على استقرارها أمام الأزمات والملمات الاقتصادية؟

بافتراض أن العملات الخليجية تحافظ على استقرارها عن طريق ربطها بالدولار والتحكم بأسعارها يدوياً بآلية معاكسة لتعويم العملة، فكيف لأزمة زعزعت العالم (وباء كورونا على سبيل المثال) ألا تودي بعملات دول الخليج إلى الحياد عن خط الاستقرار؟!

في الواقع لا بد من التأكيد أن قوة واستقرار عملات دول الخليج لا تنبع من ارتباطها بالدولار فحسب، بل من وجود مخزون احتياطي ضخم من العملة الصعبة في خزينة هذه الدول.

شرح الخبير الاقتصادي "ناصر القرعاوي" في حديثه عن عدم تأثير أزمة كورونا على الريال السعودي قائلاً: "الارتباط بالدولار يهدف إلى حماية قيمة الريال السعودي من الانخفاضات والارتفاعات السريعة، وبالتالي فإن الارتباط ساهم في ثبات قيمة الصرف بسوق العملات العالمية، وتعزيز قيمة الريال مرتبط بالقيمة الاقتصادية الكلية للمملكة، وكذلك فإن تسعير النفط بالدولار ساهم في ارتباط الريال بالعملة الخضراء، فيما كانت قيمة الريال مرتبطة بسلة عملات رئيسية".

ونوه بقوله: "ارتباط الريال بالعملة الخضراء مرتبط بحركة الدولار سواء بالارتفاع أو الانخفاض، والتحكم بسعر الدولار في سوق العملات راجع للحكومة الفيديرالية الأمريكية، باعتبارها أكبر اقتصاد عالمي؛ ما يدفعها للحفاظ على تجارتها الخارجية، من خلال منع ارتفاع سعر الصرف مقابل العملات الأخرى للحفاظ على صادراتها في الأسواق العالمية، والآلية المتبعة في عملية صرف الدولار تترتب على قيمة الريال السعودي، كما أن ارتباط الريال بالدولار يستهدف الحصول على سعر صرف عادل للريال ومنع التقلبات السريعة".

أما الدكتور "حسن العبندي" فقد عبر عن رأيه في موضوعٍ متصل قائلاً: "المملكة تصدر النفط بالدولار الأمريكي، وبالتالي فإن انخفاض سعر الدولار مقابل بعض العملات العالمية يصب في صالح المملكة والعكس صحيح كذلك، كما أن الريال محصن من التعرض للتقلبات نتيجة الارتباط بالعملة الخضراء، الدولار الأمريكي يكتسب قيمته من قبوله في جميع الأسواق العالمي."

لذلك فإن دول الخليج، وعند حدوث الأزمات الاقتصادية العالمية، تسارع إلى السحب من احتياطياتها الضخمة من الدولار التي تستطيع الصمود لمدة طويلة لتبقي عملاتها الوطنية في مأمن.