لتفادي تأمين الدولار اللازم لاستيراده... الحكومة السورية تطمّع الفلاحين بمضاعفة سعر القمح للاستحواذ عليه

اضطرت الحكومة السورية إلى تقديم مغريات مادية للفلاحين في عموم مناطق البلاد، للحصول على محاصيلهم الزراعية من القمح. من خلال رفع سعر الشراء وتقديم مغريات أخرى، رغم رفعه مؤخراً أكثر من مرة، مع انهيار قيمة العملة السورية إلى أدنى المستويات (شاهد سعر صرف الدولار في سوريا).

أسباب حاجة الحكومة إلى القمح السوري

وتعد من أبرز أسباب الحكومة للاستحواذ على أكبر كمية ممكنة من القمح السورية، هي: خروج معظم سلة غذاء سورية (منطقة الجزيرة وشرق سوريا) عن سيطرة الحكومة والتي كانت تدر أكبر مقدار من القمح المحلي من النخب السوري الأول.

والسبب الثاني يكمن في عدم توفر الدولار والعملات الأجنبية اللازمة لاستيراد القمح، واضطرار الحكومة إلى استخدام الدولارات التي يتم تجميعها من المصادر الشحيحة المتوفرة لديها. (مصدر دولارات الحكومة هو من بدل الخدمة العسكرية وجوازات السفر وصرف المئة دولار عند دخول المواطنين إلى البلاد).

وبالإضافة إلى ما سبق، فإن القمح المحلي سيكون أقل سعراً من حيث الكيلو، وأقل تكلفة من حيث النقل والشحن. وسيكون البدل المدفوع بالليرة السورية وهي شبه المنعدمة القيمة، والتي طبعت منها الحكومة كميات كبيرة مؤخراً من فئة الخمسة آلاف ليرة.

أسعار القمح خلال 2020 - 2021

ونظراً للحاجة الملحة للحكومة السورية لتأمين القمح لتغطية احتياجات المخابز والأسواق من هذه السلعة المصنفة كأهم سلعة مدعومة. رفع مجلس الوزراء سعر شراء محصول القمح من الفلاحين لموسم 2021. من 550 ليرة سورية إلى 900 ليرة. بحيث يحصل الفلاح على 800 ليرة عن الكيلو مضافاً إليها 100 ليرة مكافأة لمن يسوّق أقماحه إلى مراكز "المؤسسة السورية للحبوب".

ورفعت الحكومة السعر رغم أنها سعّرت سابقاً شراء كيلو القمح من الفلاحين لموسم 2021 بمبلغ 450+100 ليرة. وكانت قد رفعت سعر القمح أيضاً في بداية موسم 2020 من 225 ليرة للكيلو إلى 400 ليرة.

سبب رفع الحكومة لسعر القمح السوري

واضطرت الحكومة لرفع الأسعار بهدف استجرار كامل محصول القمح في جميع المحافظات، أو أكبر قدر ممكن من المادة، وفق ما أعلن المسؤولون.

ورفعت الحكومة السعر مؤخراً بعد أن اعترض الكثير من الفلاحين على السعر وخاصة مع عدم توفير الحكومة كامل مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومحروقات. وهو ما أثار مخاوف الحكومة من فقدان الاستحواذ على كميات كبيرة من القمح لا سبيل لتعويضها إلا من الاستيراد.

الحكومة السورية مَن تنافس في شراء القمح؟

إن خروج مناطق كثيرة من سورية عن سيطرة الحكومة، يجعلها أمام أمر واقع مفاده أنها إن لم تستحوذ وتستقطب القمح سيتم بيعه أو تهريبه إلى منافسين آخرين.

وتشتري الجهات التركية القمح السوري المحصود في مناطق نفوذ تركيا في الشمال السوري. ويصعب تهريب هذا القمح إلى مناطق الحكومة بسبب إغلاق المعابر، فيما تسعى الحكومة إلى الحصول على قمح مناطق شرق سوريا. وينافسها في الأسعار والاستقطاب "الإدارة الذاتية" التي تسيطر على معظم تلك المناطق، وتتداخل بعض المناطق بين سيطرة الطرفين.

مغريات أخرى تقدمها الحكومة للفلاحين غير السعر

وتقدم الحكومة السورية دعماً مشروطاً لبعض الاحتياجات الزراعية التي قد يكون من الصعب تأمينها من مصدر آخر. وهي البذار والسماد والأدوية ويضاف إليها المازوت.

وصرح وزير الزراعة "حسان قطنا" بأن "من يسوق محصوله للدولة هو من يحصل على الدعم". وبرر تأخر وصول بواخر الأسمدة اللازمة بـ"العقوبات الاقتصادية". في حين وافق "مجلس الوزراء" مؤخراً على استمرار المصرف الزراعي التعاوني في بيع السماد الآزوتي (نوع يوريا) للفلاحين بالسعر المدعوم لموسم القمح حصراً، وذلك حتى نهاية آذار 2021.

حاجة الحكومة من القمح ومصادره

يشار إلى أن "المؤسسة السورية للحبوب" اشترت العام الفائت نحو 700 ألف طن قمح محلي لموسم 2020. بينما استوردت مثلها تقريباً من القمح الروسي، وفق ما أعلنت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك".

وكشف سفير الحكومة السورية لدى روسيا "رياض حداد". أن التوريدات الروسية من القمح والوقود بدأت بالوصول إلى سورية، وذلك تنفيذاً لاتفاقيات موقعة بين الطرفين.

وأعلنت إيران على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية "سعيد خطيب زاده". أنها ستقوم بخطوات قريبة لإيصال القمح والوقود إلى سورية.