منحة الـ 20 دولار تصبح محط تهكم وانتقاد من قبل السوريين والإعلام
في خطوة تأتي قبيل عيد الأضحى المبارك ومن المفترض أن يكون هدفها ترميم الفجوة بمعيشة السوريين التي يفرضها الإنفاق الكبير مقابل أجر زهيد، صدر أمس المرسوم التشريعي رقم (17) لعام 2024 القاضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 300 ألف ليرة سورية (أقل من 20 دولاراً) للعاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية.
ونص المرسوم على استفادة أصحاب المعاشات التقاعدية وعجز الإصابة الجزئي من المدنيين غير الملتحقين بعمل ولا يتقاضون معاشاً من أي جهة تأمينية أخرى بالمنحة، التي سيتم إعفاؤها من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأية اقتطاعات أخرى.
وتأتي المنحة في ظل انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ما جعلها مبلغاً رمزياً لا يكفي سوى لبضعة وجبات غذائية، كما أن معدلات التضخم المرتفعة بشكل غير مسبوق دليل آخر على أن هذه المنحة لا تلبي أدنى احتياجات المواطنين بأي شكل.
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة الاقتصادية في سوريا وتزداد معاناة السكان يومياً، جاءت هذه المنحة "الزهيدة" لتزيد من إحباطهم وخيبة أملهم بقدرة الحكومة على تقديم الحلول الحقيقية لمشكلاتهم المتفاقمة.
وقد لاقى هذا القرار موجة سخرية وتهكم، مع غضب شعبي وانتقادات؛ وتعليقا على القرار، قال الاقتصادي السوري "عبد الناصر الجاسم"، إن هذا المبلغ "الزهيد" الذي لا يزيد عن 20 دولاراً، "إساءة بحق السوريين"، لأنه ثمن وجبة طعام واحدة ولا يمكن أن يغير من احتياجات الأسر السورية الكبيرة قبيل عيد الأضحى، سواء من لباس أطفال أو طعام وحلويات العيد.
وكان موقع "قاسيون" للدراسات بدمشق، قد أكد أخيراً ارتفاع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية (أما الحد الأدنى فقد وصل إلى 7,812,417 ليرة)، وذلك مع انتهاء الربع الأول من عام 2024.
ويشير "قاسيون" إلى أن الأجر الهزيل يزداد هزالة وتقزماً مع ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث أصبح خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 غير قادر سوى على تغطية 2.2% من وسطي تكاليف المعيشة فقط.
ويتساءل الاقتصادي "الجاسم"، في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، عن أثر المنحة بواقع زيادة من هم دون خط الفقر بسورية والبالغين 90%، وهذا بخلاف أن مطالب الأسر خلال المناسبات الاجتماعية والدينية "باتت مكروهة عند السوريين" لأنها تزيد إحساسهم بفقرهم وعجزهم عن تأمين أبسط المتطلبات.
وحول كيفية ترميم هوة المعيشة بواقع أجور لا تزيد عن 300 ألف ليرة وإنفاق يزيد عن 12.5 مليون ليرة، أشار الاقتصادي السوري إلى أن الحوالات الخارجية الواردة تزداد خلال الأعياد، وهي ملاذ السوريين الوحيد لمواجهة غلاء المعيشة، ولكن ليس لدرجة شراء حلويات أو ألبسة جديدة أو لحوم الأضاحي، مقدراً الحوالات اليومية التي تدخل سورية من المغتربين المهاجرين، بأكثر من ستة ملايين دولار.
وتزداد الحوالات إلى سوريا خصوصًا في أسبوع ما قبل العيد، حيث برز تطبيق يامرسال كأحد أسهل الحلول المالية التي أتاحت للسوريين في أوروبا وغيرها إرسال حوالة إلى سوريا بكبسة زر وهو ما أراحهم من السماسرة والمعاملات المعقدة وغير الآمنة في الماضي، مما شجع الناس على التحويل أكثر كلٌ حسب قدرته.
وسجل سعر صرف العملة السورية أمام الدولار اليوم الثلاثاء 14800 ألف ليرة، فيما زاد سعر صرف اليورو عن 15900 ليرة ويسجل سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطا نحو 975000 ليرة سورية.