وزير الاقتصاد يعترف: الوضع في سوريا معقد جدًا والمشاكل عمرها أكبر من الحرب
كشف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري "محمد سامر الخليل" أن المشهد الاقتصادي في سورية ينطوي على جملة من التعقيدات والمشكلات المتراكمة، لأسباب عديدة، بعضها يعود إلى خلل في بنية الاقتصاد السوري عمره أكبر من عمر الحرب.
واعتبر أنّ معالجة التعقيدات التي تشوب المشهد الاقتصادي لا يمكن أن تتم من خلال الإجراءات والقرارات، إذ إنّ ذلك لن يكون مجدياً ما لم يتم الانطلاق من رسم السياسات، مؤكداً أنه من غير الطبيعي ومن غير المنطقي أن نستمر بالرؤى نفسها التي أنتجت بعض السياسات غير المجدية.
واستعرض الوزير "الخليل" السياسات التجارية قبل الحرب وخلالها ولغاية الآن مبيناً أنه خلال الثمانينيات من العقد المنصرم عانت سورية من حصار اقتصادي خانق، لم يكن بالمقدور التعامل معه والخروج منه دون إجراء تغيير في الفكر السياسي على صعيد فسح المجال للقطاع الخاص بشكل أكبر لممارسة العمل التجاري الخارجي.
وتطرق الوزير إلى فترة الحرب ولاسيما عام 2012، حيث تضررت البنية التحتية والخدمية بشكل كبير، ومع خروج الكثير من المناطق السورية عن السيطرة، ولاسيما تلك التي تتواجد فيها الثروات النفطية والغذائية، ومع انخفاض عدد السياح بشكل كبير، وتراجع الإنتاج والتصدير، وبالتالي تراجع مصادر تأمين موارد الدولة من القطع، كان لا بدّ من انتهاج سياسة تجارية تقشفية ومنضبطة ومتوازنة.
وفي إطار الحديث عن السياسات المستقبلية أشار "الخليل" إلى السياسات العامة التي رسمتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لتسير عليها، ومنها سياسة التجارة الخارجية التي تمزج بين الحرية والتقييد لضمان التأثير على مستوى الإنتاج والعمل بما يحقق معدلات نمو حقيقية قابلة للاستمرار وتصحيح الميزان التجاري لجهة زيادة القدرة التصديرية بما يؤمن إمكانية تمويل المستوردات المحفزة للنمو وأهمها مستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي، وزيادة فرص العمل. بالإضافة إلى سياسة تنمية الصادرات، والسياسة الاستثمارية القائمة على التنويع الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية.
وفي رده على المداخلات أشار الوزير إلى أن دعم القطاع العام في مطارح جديدة في قطاعات ليس لها جدوى اقتصادية يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني وهذا الأمر في غير محله الاقتصادي، كما أن الدعم للمواد بأشكاله الحالية أصبح غير مجدٍ، حيث يرهق كاهل الدولة ويستنزفها ولا يستفيد منه المواطن بشكل حقيقي، داعياً جميع المشاركين بالورشة إلى موافاة الوزارة بأوراق عمل تتضمن المقترحات لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة لمناقشتها على مستوى اللجنة الاقتصادية الحكومية.
كلام الوزير الإيجابي يرافقه تطبيق سلبي على أرض الواقع:
تستمر الحكومة السورية بمحاولات عديدة لتعديل قوانين الضرائب في محاولة لرفد خزينة الدولة على حساب الإنتاج والتجارة، في حين يعاني السوريون من أزمات اقتصادية جمة.
ويعاني السوريون من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، نتيجة عدة أسباب، أبرزها تدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وتراجع القدرة الشرائية بسبب زيادة نسب التضخم وارتفاع الأسعار.
فعلى سبيل المثال أثقلت الضرائب العقارية كاهل أصحاب الفعاليات التجارية في دمشق، فمنهم من وصلت به الحاجة لبيع عقاره لأن الضرائب لا تتناسب مع دخله، مؤكدين أن "العمل أصبح خسارة بخسارة".
وقال موقع محلي مقرب من الحكومة، إن أرقام الضرائب فلكية، وأن وزارة المالية تضع الضرائب بحسب ما تريد، ولا تستند على أي نص قانوني أو دستوري لإقرار تلك الضرائب.
وأكد عدد كبير من أصحاب المحال التجارية أن ضريبة محل مساحته 4 أمتار، بلغت ما يقارب 3 مليون ليرة، كما أن الضرائب تبدأ من 3 مليون إلى 150 مليون ليرة، وذلك حسب المنطقة.
في حين وصلت ضريبة صالون الحلاقة - مثلا - في المناطق الراقية إلى أكثر من 160 مليون ليرة، بينما عدد الزبائن خلال الشهر قد لا يتجاوز 50 زبون، إضافة لتسعيرة الحلاقة التي لا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة.