فساد جمارك المطارات في سوريا يتفاقم... نبش وسرقة للمغتربين
زادت الشكاوى مؤخرًا حول ابتزاز المغتربين القادمين إلى البلاد من طرف جهاز الجمارك تحت ذرائع قانونية ضعيفة، وهي ليست ظاهرة جديدة في سوريا، لكن الأمر تفاقم مؤخرًا واكتسب صدًا إعلاميًا بعد حالات استغلال صارخة.
في حديثه لصحيفة "العربي الجديد" يقول أحد المغتربين: "شو جايب للحبايب... هذه هي عبارة الترحيب التي استقبلني بها ضابط الجمارك في مطار دمشق الدولي. نبشوا حقائبي بطريقة مستفزة، لكني لم أحاول الجدال أو الاعتراض خوفاً من أي عرقلة تؤخرني عن رؤية ابنتي التي ولدت بعد سفري الأخير إلى الإمارات بشهر أي قبل ثلاثة عشر عاماً، والتي أتوق لرؤيتها كثيراً".
ويضيف: "سابقاً كانت أكبر "رشوة" يتقاضاها عناصر الجمارك في المطار (علبة سجائر Marlboro)، لكن هذه المرة اختلف الوضع، فلم يرضهم القليل، كانوا يبحثون في أمتعتي ويخرجون الهدايا التي جلبتها لأسرتي، يتمعنون بها، وتارة يقولون هذا الغرض ممنوع، تهريب، وهذه الحاجيات مرفوضة. لوهلة شعرت أنني أخطر مهرب في العالم".
ويستطرد بنبرة ساخرة؛ أنه "لم يخرج من ركن التفتيش حتى أخذ العناصر ما يريدون من الهدايا بطريقة مستفزة (زجاجتي عطر، علبتي سجائر، وآيباد بحجة أنه بحاجة لجمركة والذي تبين أن ثمن جمركته ضعفا الثمن الذي اشتريته به)".
والذريعة التي يتم استخدامها دائمًا هي كلمة: "هذا القانون"، وهي كلمة المرور التي يستطيع الفاسدون من ضباط الجمارك استخدامها لفتح حقائب المغتربين القادمين وسلبهم ما يطمعون به من أمتعة وأمانات دون أي اعتراض من المواطن. وفيما لو اعترض المواطن، فإنه سينال قسطاً من الانتظار الطويل الذي قد يستمر لساعات في الطابور أو على المعابر الحدودية.
أحد سائقي النقل بين لبنان وسورية، قال للصحيفة ذاتها: "باب المصنع مسكر، وكل مواطن حابب يفوت عالبلد لازم يكون مفتاحو بإيدو"، ويقصد السائق بالمصنع المعبر الحدودي بين لبنان وسورية، فيما يقصد بالمفتاح (الرشوة) أو الإتاوة.
ويشير "أبو حسن" (وهو اسم مستعار لسائق فان بين سورية ولبنان)، إلى أن عناصر النقطة المشتركة بين حاجز تابع للفرقة الرابعة، وعناصر مفرزة الجمارك، لا يمكن أن يسمحوا لأي مواطن قادم إلى البلاد بالدخول قبل "دفع المعلوم"، والمعلوم في هذه النقطة تحديداً قد يتجاوز المئة ألف ليرة سورية.
ويقول أبو حسن: "أول مرة عملت بها على السيارة؛ قضيت ساعة ونصف الساعة منتظراً على الحدود دون أي سبب يذكر، فقط لأنني رفضت دفع إتاوة باعتقادي أن أولادي أولى بها، ليس ذلك بخلاً ولكني مقتنع بأن من يخدم أمن الوطن يجب ألا يكون لصاً، ومن يدفع له كي يحصل على حقه الطبيعي يسهم في تشجيعه على امتهان السرقة".
ويردف "أبو حسن"؛ أن مبدأه لم يحمه من (سلطة عناصر النقطة)، في النهاية هناك ركاب في الحافلة ينتظرون لقاء أسرهم، مشيراً إلى أن انتظاره بحسب ما همس له أحد عناصر النقطة سيطول إن لم يدفع الإتاوة، وبالتالي إما أن الحافلة التي يستقلها ستتأخر بركابها بسببه، أو سترحل ويضطر للتنقل بشكل متقطع، وفي نهاية المطاف رضخ تحت ضغط التهديد المبطن بتأخير تسييره.
وكان موقع "أثر برس" المقرب من الحكومة تحدث قبل أيام عن عمليات السرقة والابتزاز التي ينتهجها عناصر هذه الحواجز والنقاط بحق المواطنين القادمين للبلاد، والتي تشمل مصادرات أمتعة وهدايا يحملها المسافرون أو تتعهد نقلها شركات مختصة بنقل الأمانات، مشيرة إلى أن إحدى الجهات المعنية بررت لها تلك التصرفات على أنها "مكافحة لتجاوزات، ومحاربة للفساد ومنع التهريب والمتاجرة غير المشروعة".
وتعفي المادة 178 من قانون الجمارك السوري الهدايا والأمتعة الشخصية والأدوات الخاصة بالمسافرين والمعدة للاستعمال الشخصي، من الرسوم والضرائب أو المصادرة، لكن القانون يحوي العديد من الثغرات المفصلة على قياس بعض المتنفذين والجهات الأمنية، حسب مراقبين.