أزمات النفط في سوريا... خبراء يطرحون رواية أخرى مخالفة لمزاعم الحكومة
اعتبر وزير النفط والثروة المعدنية السوري "فراس قدور"، أنا الأرقام والبيانات الحالية تشير إلى صورة قاتمة لقطاع الطاقة في البلاد، متحدثاً عن انخفاض الإنتاج في النفط والغاز إلى مستويات دنيا.
وقال "قدور"، أمام مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر الذي انعقد الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة، إن "الحرب التي بدأت على سورية منذ عام 2011 أثرت في قطاع الطاقة بشكل كبير، من حيث حجم التخريب الذي طال مكونات شقيه النفطي والكهربائي، وأيضاً من حيث قدرته الإنتاجية".
وبيّن أن "إنتاج النفط انخفض من نحو 385 ألف برميل في اليوم عام 2011 إلى نحو 15 ألف برميل في الوقت الراهن"، مشيراً إلى انخفاض الإنتاج الإجمالي من الغاز الطبيعي من نحو 30 مليون متر مكعب عام 2011 إلى نحو 10 ملايين متر مكعب باليوم في الوقت الراهن.
وتابع: "ولأن إنتاج الكهرباء في سورية يعتمد بشكل شبه كلي، بنسبة 94%، على حوامل الطاقة التقليدية من الغاز الطبيعي والوقود، انخفضت كميات الكهرباء المنتجة في محطات توليد الكهرباء إلى 19.2 مليار كيلو واط ساعي عام 2022".
رواية أخرى تنفي الرواية الحكومية:
يرى الباحث الاقتصادي "خالد تركاوي"، في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، أن الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة "غير صحيحة".
وأضاف أن الحكومة السورية لا تعاني فعليًا من أزمة في إنتاج الغاز، ولا شح في العرض، فالمشاكل التي تعاني منها في مجال الكهرباء قد تكون مشاكل فنية، تتعلق غالباً بعدم قدرتها على تشغيل هذه المحطات أو في شبكة التوريد والتوزيع.
وتابع موضحًا أن الحكومة - على ما يبدو - تستفيد بشكل كبير من مجال الغاز، عبر بيعه أو استثماره لتحقيق مكاسب، ومن الممكن أيضاً أن الدولة تحاول الضغط على الجمهور من خلال هذه الأرقام، في سبيل تكريس فكرة الانهيار الاقتصادي التي تخوّف بها الغرب.
وبيّن أن تقديرات إنتاج الحكومة من الغاز نحو 12 مليون متر مكعب يومياً، مشيراً إلى أن الرقم الرسمي حول النفط يتعلق فقط بالمناطق تحت السيطرة فقط، لكن الحكومة تشتري النفط من مناطق قوات سورية الديمقراطية (قسد) بالليرة السورية وعن طريق مهربين، بحسب "تركاوي".
وأضاف أنه يوجد نحو 40 ألف برميل يومياً تصل من مناطق سيطرة (قسد)، كما أن كلام وزير النفط في الدوحة هو استجداء، وفقًا لرأي "تركاوي".
وقد فقدت الحكومة السورية بدءاً من عام 2012 أهم وأكبر حقول وآبار النفط والغاز، والتي يتموضع أغلبها في شمال شرقي سورية في محافظتي دير الزور والحسكة.
وتضم محافظة الحسكة عدة حقول للنفط، كانت تنتج أغلب حاجات البلاد من هذه المادة، ومنها حقل الجبسة في ريف منطقة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، والذي يمتد حتى منطقة الهول في الريف الشرقي.
كما أن هناك حقول رميلان الشهيرة في ريف مدينة القامشلي، التي تضم نحو 1322 بئراً، بالإضافة إلى معمل للغاز كان ينتج نسبة كبيرة من حاجات سورية من المادة قبل الثورة في العام 2011.
ويوجد نحو 25 بئراً من الغاز في حقول السويدية بالقرب من رميلان، وهي من أكبر الحقول في سورية، كما يضم ريف دير الزور شمال نهر الفرات الخاضع لقوات (قسد) على أكبر الحقول النفطية في سوريا، وهو "حقل العمر" الذي يقع على بعد 15 كيلومترا شرقي بلدة البصيرة بريف دير الزور.
وسيطرت على "حقل العمر" هذه القوات بمساعدة من التحالف الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2017، حيث انتزعته من تنظيم داعش الذي سيطر عليه في عام 2014، بعد انتزاعه من فصائل معارضة محلية. وكان إنتاج الحقل قبل عام 2011 يصل إلى ثلاثين ألف برميل يومياً.
واليوم، تعتبر قاعدة "حقل العمر" النفطي من أكبر القواعد الأميركية في شرق سورية، من بين نحو 20 قاعدة أميركية هناك، وتنتشر فيها قوات متنوعة، أميركية وفرنسية وبريطانية، وجرى تزويدها بمهبط للطيران المسير والمروحي.
وهناك حقول وآبار أقل قيمة في ريف دير الزور شمال النهر، أبرزها حقل الكونيكو للغاز. كما تسيطر (قسد) على حقل التنك الواقع في بادية منطقة قبيلة الشعيطات، في ريف دير الزور الشرقي. وكان هذا الحقل ينتج نحو 10 آلاف برميل يومياً قبل 2011. وتستثمر قوات (قسد) هذه الحقول، وتبيع قسماً من الإنتاج لفصائل المعارضة في الشمال السوري، بينما تحصل حكومة دمشق على نصيبها عن طريق وكلاء، أو عن طريق التهريب.
وفي المقابل، تقع تحت سيطرة الدولة حقول النفط والغاز في البادية السورية في محيط مدينة تدمر، التي تقع في قلب هذه البادية مترامية الأطراف. ومن أبرز هذه الحقول "حقل شاعر"، الذي استعادت الحكومة عليه بعد معارك مع تنظيم "داعش" في عام 2017، إضافة إلى حقول جحار والمهر وجزل.
كما تمتلك السلطات السورية تحت سيطرتها حقلي الورد والتيم في بادية دير الزور، إلا أن إنتاجهما متدنٍ.