ركود شديد يخيم على أسواق دمشق في مشهد غير معتاد هذا الوقت من العام
يشير المشهد العام في أسواق دمشق إلى مستوى "خطير" من الركود، كما يؤكد بعض الخبراء، إذ كان من المفترض أن تنتعش عمليات البيع والشراء في هذا الشهر بفعل الحوالات الخارجية، إلا أن ذلك لم يحدث.
وفي وقت يشتكي فيه تجار العاصمة من ضعف الإقبال، يشتكي المتسوقون من تدني جودة البضائع وقلّة التنوع وسط ارتفاع الأسعار.
تعقيبًا على ذلك، يرى الخبير الاقتصادي "زاهر أبو فاضل"، أن التضخم المستمر في سوريا جعل من الحوالات بالكاد تكفي لتأمين الطعام والشراب والدفء، بينما التضخم في أوروبا أسهم في تقليص قيمة الحوالات الواردة إلى الأسر.
ويؤكد الخبير لـ "تلفزيون سوريا" أن "القدرة الشرائية الناجمة عن الحوالات تآكلت نحو 50 في المئة بفعل العاملين المذكورين، ما أسهم بفرض ركود خطير على الأسواق انعكس سلباً على الجميع في سلسلة البيع سواء المستورد أو المصنّع إلى تاجر الجملة فالمفرق ثم الزبائن، خاصةً وأن كلفاً مرتفعة بشكل دائم تركّب على البضائع في سلسلة البيع ما يجعل سعرها غير منطقي".
أسواق الملابس في سوريا "ميتة":
في سوق الحميدية والصالحية والشعلان، تكثر حركة المتسوقين في هذا الموسم لشراء الملابس الشتوية، لكن الأسواق باتت شبه خالية وسط قلة في عرض الموديلات الجديدة والاعتماد على تكرار ما لم يتم بيعه منذ أعوام.
تعقيبًا على ذلك، يقول أحد المواطنين الذي كان يبحث عن لباس رياضي شتوي في سوق الحريقة: "بات من غير المستغرب أن تدخل محلاً وترى فيه بضائع منذ 3 سنوات تباع بأسعار اليوم، وعند السؤال عن سبب عدم طرح ألبسة جديدة، يجيب التجار بأن ضعف الإقبال وارتفاع الأسعار يمنعهم من ذلك".
وتابع قائلا "بعد بحث طويل وجدت بيجامة شكلها جديد، لكن أثناء تجريبها في المحل تمزقت من تحت الإبط، وعند سؤال البائع عن سبب تدني الجودة، أجاب حرفياً بأن: المعامل والورش باتت تختصر مراحل من الدرزة توفيراً للخيطان، وتوفيراً لعدد العمال. اليوم بات على من يريد شراء ملابس سورية جديدة، أن يتجه بها فوراً إلى الخيّاطين لدرزها من جديد على حسابه الخاص رغم دفع مئات آلاف الليرات على القطعة".
ويقول أحد الخياطين لتلفزيون سوريا: "تعتمد الورش على النساء حالياً بالغالب لأن أجرتهن أقل من الرجال، وغالباً ما تكون النساء اللواتي دفعتهن الحاجة المادية للعمل من دون أي خبرة مسبقة، وخلال أيام فقط تتسلّم النساء العمل وتبدأ بالإنتاج دون تدريب كافٍ، ما يُفضي بالنهاية إلى نتائج سيئة على جودة الملابس"، ويضيف "أصحاب الماركات باتت تعتمد على الورش البسيطة التي لا تختصر الخيطان والعمال فقط، بل حتى شراء الإبر الجديدة المناسبة لكل قطعة، وكل ذلك يزيد من تدني جودة الملابس".
التاجر والبائع محتار:
أشار التجار في سوق الحميدية والحريقة، إلى أنهم "في حيرة من أمرهم، فهم غير قادرين على تسوق بضائع ذات جودة لأن سعرها مرتفع جداً وقد لا يشتريها أحد وينتهي بها الحال إلى المستودعات، وبين تبضّع ملابس رخيصة بأقمشة أقل من متوسطة وبجودة صناعة متدنية تسبب لهم الخسائر في عمليات الإرجاع والاستبدال".
وأكدوا أن الأسواق السورية تفتقد الأقمشةَ الجيّدة حاليا والتجار عزفوا عن استيرادها أو تهريبها لأن سعرها مرتفع ولا يتناسب وقدرة السوريين، فاتجه معظم التجار والمصانع للأقمشة الرخيصة والتصنيع بجودة متدنية لخفض التكاليف.
ذلك علمًا أنه حتى الملابس ذات الجودة المتدنية يكون سعرها مرتفع جدا قياسا برواتب السوريين، فالكنزة القطنية "الولّادي" يمكن أن يصل سعرها إلى 100 ألف ليرة للنوعية الأقل من متوسطة، بينما "الرجالي" بـ 200 ألف، ويتضاعف السعر تقريبا للنوعية الجيدة، وكل ذلك أثّر على حركة الأسواق ومردود التجار ودفع الطرفين للتذمر.