التكاليف الباهظة لجمركة الموبايلات في سوريا تصنع سوقًا للأجهزة المهربة وكسر ال IMEI 

أدت المبالغ "الهائلة" التي تفرضها الحكومة على جمركة الأجهزة الذكية من الخارج، والتي تنعكس أيضًا على الأجهزة النظامية التي تباع بشكل قانوني، إلى انتشار سوق كبير للأجهزة المهربة في سوريا. 

وهكذا فقد انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي عروض بيع أجهزة الهاتف غير المسجلة على الشبكة السورية (غير المجمركة)، وعروض أخرى تحمل مسمى "جمركة برانية" أو "كسر الأيمي (IMEI)". 

واللافت أن هذه التجارة تزدهر بشكل متسارع، نتيجةً لفارق السعر بين هذه الأجهزة وبين ما يباع في الأسواق من أجهزة دخلت الأراضي السورية بشكل نظامي من قبل الشركات المستوردة. 

تكلفة كسر أيمي الجهاز في سوريا: 

تسعر خدمة كسر الأيمي أو "الجمركة البرانية" حسب نوع الجهاز بسعر يتراوح بين 75 – 150 ألف ليرة سورية، وهي مبالغ زهيدة قياساً بالمبالغ المحددة لقاء دفع رسوم الجمارك النظامية من قبل أصحاب الأجهزة الخليوية لدى شركات الاتصالات في سوريا. 

تعقيبًا على ذلك، يقول أحد المسوقين لهذه الخدمة عبر فيسبوك خلال حديثه لموقع إعلامي محلي: "هناك أنواع لا يمكن كسر الأيمي الخاص بها وتشغيلها على الشبكة السورية، ولا أجد ضرراً من تقديم هذه الخدمة لمن يحتاجها، فهي توفر عليه مبالغ تصل لأكثر من مليون وأحياناً مليوني ليرة سورية". 

وهكذا، فضمن المجموعات والصفحات المخصصة للتسويق، يعرض بعض الأشخاص هواتف وصلت إليه كـ "هدية" من أحد أقاربهم خارج البلاد للبيع، وغالباً ما يكون السبب عدم القدرة على دفع "جمركة الهاتف"، وعدم الرغبة بالمخاطرة و"كسر الأيمي"، وبعد عملية البيع يقوم بشراء جهاز جديد من إحدى المنافذ الرسمية ولكن بمواصفات أقل جودة من الجهاز الذي باعه، وهو ما فعلته "يسرى"، التي حصلت على هاتف باعته بقيمة 2.5 مليون ليرة سورية في حين أن سعره في سوريا يصل لنحو 5 ملايين إذا كان نظامياً، واضطرت لشراء هاتف من نوع رخيص لتتمكن من استخدامه. 

ثم فإن شراء هاتف جوال جديد من إحدى المنافذ الرسمية سيعني بالضرورة دفع مبلغ لن يقل عن مليوني ليرة سورية في الحد الأدنى وبمواصفات غير عملية قياساً على الجهاز الذي يمكن أن يحصل عليه الفرد بذات المبلغ من أحد باعة الأجهزة غير المجمركة. 

بيع الهواتف المهربة أو غير المجمركة باب للرزق بالنسبة للبعض: 

يجد بعض الشبان في بيع الهواتف غير المجمركة "باباً للرزق"، كي يواجه من خلاله ظروف المعيشة الصعبة، ويقول أحدهم إن ربحه في الجهاز يعادل ما قيمته بين 10-20 دولاراً أمريكياً، موضحاً أن سعر الصرف في السوق السوداء هو ما يتحكم بأسعار الهواتف غير المجمركة، فهي تصل للبلاد عن طريق التهريب. 

ولا يخشى البائع من وضع رقم هاتفه الخاص للتواصل، وحاله في ذلك حال الكثير من مقدمي خدمة "الجمركة"، والتي تحتاج لبعض البرامج الإلكترونية ليقوم بتبديل رقم الأيمي الخاص بالجهاز إلى رقم مستخدم سابقاً على الشبكة السورية، وبالتالي إمكانية تشغيل الجهاز على الشبكة السورية بدون الاضطرار لدفع مبالغ خيالية، منها مثلاً جمركة هاتف "آيفون 15" التي تصل لما يقارب 8 مليون ليرة سورية. 

يذكر أن الهيئة العامة للاتصالات كانت قد نشرت في وقت سابق أن 40 % من عمليات "كسر الأيمي"، تتم في مناطق خارج السيطرة وحذرت المقبلين على هذه الخدمة من احتمال مشاركة "الأيمي" مع أحد الهواتف التي يستخدمها "إرهابي" وأن الخارجين عن القانون عادة ما يستخدمون أجهزة مشغلة على الشبكة بطريقة "كسر الأيمي"، التي تتسبب في الوقت ذات بمشاكل تقنية وجنائية. 

وكانت الهيئة الناظمة قد أعلنت في 9 من شهر حزيران الماضي أنها ستوجه رسائل نصية لكل أصحاب الأجهزة التي تعمل بـ "أيمي مكرر" أو "مسروق"، ليتم تسوية أوضاع أجهزتهم خلال مدة 30 يوماً كي لا يكون شركاء في جريمة، الأمر الذي يبدو أنه لم يلق أي تجاوب من قبل المستخدمين نظراً لارتفاع أسعار الجمركة وضعف القدرة المالية عن غالبية مستخدمي الهواتف في سوريا.