ما تأثير مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وهل المتضرر الوحيد هو المستثمر المحلي فعلًا؟ 

قام مجموعة من الشباب الفلسطينيين بتنظيم حملة لمقاطعة البضائع الاسرائيلية وذلك بوضع الملصقات على الرفوف التي توجد فيها المنتجات الاسرائيلية . (Mohammed Asad - Anadolu Ajansı)

على مستوى عالمي وعلى نطاق واسع، زاد انتشار نظام "الفرنشايز" بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وهو النظام الذي تمنح فيه إحدى العلامات التجارية الشهيرة اسمها التجاري لطرف آخر، يتولى إدارة تقديم المنتج أو الخدمة في البلد المضيف، مقابل مبلغ مالي تحصل عليه الشركة الأم ونسبة من المبيعات. 

وهكذا فقد اتخذت الولايات المتحدة وغيرها من نظام الامتياز التجاري فرصة للتربح في الدول النامية والناشئة، المبهور مواطنوها بمنتجات العالم الغربي ونمطه الاستهلاكي، ومنها العديد من الدول العربية. 

وبنفس الشكل فقد أصبحت تلك المنتجات والعلامات التجارية في مرمى سهام المقاطعة العربية والإسلامية، وبصفة خاصة بعد الدعم غير المشروط الذي وجهته لدولة الاحتلال، في حربها على غزة، على مدار الشهر الأخير. 

وبالاتجاه المقابل، بدأ البعض بالمجادلة في نظام المقاطعة وجدواه، بل وبفكرة المقاطعة في حد ذاتها، مما تسبب في طرح بعض الأسئلة: 

ماذا يعني أن يحصل مستثمر محلي على امتياز من شركة أجنبية؟ 

يفرض نظام الامتياز التجاري، بشكل عام، على الطرف الذي يشتري العلامة التجارية ثلاثة أمور رئيسية، وهي شراء المواد الخام من صاحب العلامة، واتباع معايير ومواصفات صاحب العلامة، ووضع العلامة التجارية لصاحب العلامة على المنتج المقدم، وهو الأصل في فكرة الامتياز التجاري. 

ويتم ذلك الأمر بالأساس من خلال بدء المصنع المحلي دفع مبلغ ثابت في مقابل الحصول على تلك الخدمات، وعلى رأسها العلامة التجارية. 

ويرى البعض أن هذا النظام يسمح لصاحب العلامة التجارية بالتسلل، وفرض ثقافته، وتشكيل الهوية العالمية كيفما شاء، بالإضافة إلى المكاسب المادية التي يحصل عليها. 

هل تضر المقاطعة بالعلامات التجارية المعادية؟ 

أوضح الخبير الاقتصادي "بلال شعيب"، مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، لوسائل إعلام عربية، أن أي اضطرابات أو دعوات للمقاطعة ستتسبب في أضرار جسيمة للشركات صاحبة العلامات التجارية الكبرى، بالإضافة إلى تأثيرها على مشتري الامتياز التجاري في البلاد المعنية.  

وقال إن ذلك سيحدث نتيجة غلق الفروع، ونتيجة تغير مزاج المستهلكين، كما أنه في حالة ما كانت الشركة تنتج منتجا غذائيا، فإن ارتفاع موجة المقاطعة يهدد بفساد مخزونها وتلفه. 

وبالنسبة للخسائر على مستوى الدول، فقد أوضح شعيب أن الاستثمار الأجنبي، بكافة صوره، التي تشمل شركات السيارات أو قطاع التجزئة، عادة ما تكون لديه تخوفات من أي دعوات للمقاطعة، مشدداً على أن نظام "الفرانشايز" في مثل تلك الحالات يضيع على الشركات الأم مبالغ كبيرة، وأن أهم خطر يهددها هو تحول المستهلك للمنافسين. 

ماكدونالدز كمثال... هل يصح ادعاء براءة فروعها في العالم العربي؟ 

علت نبرة طلبات المقاطعة بعد انتشار صور وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر قيام محلات ماكدونالدز في إسرائيل بالتبرع بأربعة آلاف وجبة للمستشفيات والوحدات العسكرية وجنود الاحتلال، مع منحهم خصومات وامتيازات أخرى عند شرائهم منها أي منتجات أخرى. 

ودفع ذلك أصحاب الامتياز التجاري في مصر والأردن لنشر بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيها وكيل الشركة في الأردن أنه والوكلاء الآخرين في الدول العربية والإسلامية ليس لهم أي علاقة بهذا التصرف، وأن محلاته كانت أول المتبرعين لدعم فلسطين، عبر الهيئة الخيرية الأردنية.  

بدوره، أعرب صاحب علامة ماكدونالدز في مصر عن تعاطفه الإنساني مع أحوال الأسر الفلسطينية المتضررة، وتبرع بمبلغ 20 مليون جنيه مصري للمشاركة في مبادرات الإغاثة. 

ولم تفلح البيانات السابقة في إيقاف انتشار حملات المقاطعة في الدول العربية، حيث أكد مروجوها تكبد الشركات الأم خسائر كبيرة، حال النجاح في تطبيقها، أو تحول الراغبين في الحصول على "الفرنشايز" عنها، بسبب الدعوات الأخيرة. 

وتظهر المبالغ التي تحصل عليها الشركات الأم في الدول الغربية حجم الخسارة التي يمكن أن تتعرض لها الشركات الأم، صاحبة حق الامتياز التجاري. 

ويتراوح حجم الاستثمار الأولي في "فرنشايز" ماكدونالدز، الذي تحصل عليه الشركة الأم، بين مليون و2.2 مليون دولار، وهو المبلغ الإجمالي المطلوب لفتح الامتياز التجاري ويشمل الرسوم والنفقات الأخرى التي تتحملها الشركة الناشئة مثل توفير المكان، المعدات، الإمدادات، الترخيص التجاري، القوى العاملة. 

بينما تبلغ السيولة التي يجب أن يمتلكها الشخص لشراء الامتياز التجاري من ماكدونالدز 500 ألف دولار، كما تبلغ الرسوم التي يجب دفعها للحصول على هذا الترخيص 45 ألف دولار، بحسب بيانات كشفتها نقابة المحامين المصرية على موقعها، وكانت قريبة من تقدير المواقع التي تعرض فرص الحصول على "فرانشايز" وتكاليفها لبعض العلامات التجارية الشهيرة. 

ويدفع أصحاب الامتياز التجاري لماكدونالدز سنويًا رسوم امتياز قائمة على المبيعات، بالإضافة إلى رسوم تشغيلية ثابتة. وتبلغ رسوم الامتياز القائمة على المبيعات 5% من إجمالي المبيعات، بينما تبلغ الرسوم التشغيلية الثابتة حوالي عشرة آلاف دولار أميركي لكل مطعم. 

وبحسب موقع ماكدونالدز، فإن رسوم الامتياز القائمة على المبيعات تختلف حسب حجم المطعم وموقعه. فعلى سبيل المثال، تبلغ رسوم الامتياز القائمة على المبيعات لمطعم متوسط لماكدونالدز حوالي 45 ألف دولار أميركي في السنة، كما تبلغ  رسوم الامتياز القائمة على المبيعات 5% من إجمالي المبيعات، وهناك رسوم تشغيلية ثابتة تقدر بنحو عشرة آلاف دولار أميركي لكل مطعم. وقبل ذلك كله، رسوم الافتتاح بنحو 45 ألف  دولار أميركي لمطعم ماكدونالدز من الحجم المتوسط. 

وبحسب موقع "فاين مودل لاب" فإن إجمالي الاستثمار المطلوب لفتح امتياز ماكدونالدز يبلغ حوالي مليون وثمانية آلاف دولار أميركي إلى 2 مليون و214 ألف دولار أميركي، وهو ما يشمل رسوم الامتياز والافتتاح، بالإضافة إلى تكاليف المعدات والمرافق والتشغيل. 

أيضاً تحظى مطاعم "دجاج كنتاكي" باهتمام الكثير من الراغبين في الحصول على "فرنشايز" في البلدان العربية، ويتراوح حجم الاستثمار الأولي فيها بين 1.5 و2.6 مليون دولار، كما تبلغ السيولة التي يجب أن يمتلكها الشخص لشراء الامتياز التجاري من "كنتاكي" 750 ألف دولار، بينما تبلغ رسوم الامتياز التجاري 45 ألف دولار، وفقاً لبيانات نقابة المحامين المصرية.