عناد الحكومة على منع الاستيراد يقلب الآية عليها ويتسبب بتدهور الليرة... خبراء يشرحون 

يُعتبر منع أو تقنين المستوردات من الاستراتيجيات المفضّلة عند الحكومة السورية لترشيد الطلب على القطع الأجنبي، لكن البعض يصف هذه الخطوة بأنها استراتيجية اقتصادية "بالية"، ويؤكد أن مضارها أكبر من منافعها. 

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي "جورج خزام"، إن قرار المصرف المركزي بمنع استيراد قائمة طويلة من المستوردات الضرورية من المواد الأولية والبضائع من أجل منع خروج الدولار لن يؤدي لتخفيض سعر صرف الدولار، بل سيرفعه. 

وأوضح في تدوينة له عبر "فيس بوك"، أن أي بضاعة مستوردة تؤدي لخلق مصدر للدخل لسلسلة طويلة من الحلقات الوسيطة، فحتى ولو كانت بضاعة كمالية ستؤدي لتحريك العجلة الاقتصادية وبالتالي تحسين الليرة. 

وأشار "خزام" إلى أن الكثير من البضائع المخصصة للتصدير لم يعد لها مواد أولية للتصنيع بسبب منع استيرادها. 

وأضاف أن منع استيراد أي بضاعة يعني بأن يخرج من السوق كل من يتاجر بها مع تصفية أعماله وهروب رأس المال للخارج بالدولار ومعه ارتفاع سعر الصرف، كذلك إن منع استيراد أي بضاعة سيعني دخولها عن طريق التهريب وارتفاع سعرها بشكل كبير بسبب غياب المنافسة. 

واقترح أن يتم حماية المنتج الوطني ليس بمنع استيراد الصنف المنافس وإنما بزيادة الضرائب على المستوردات المنافسة للمنتج الوطني مع إعادة توزيع هذه الضرائب الإضافية على شكل إعانات مالية وإعفاءات ضريبية للمنتجين للصنف نفسه. 

وفي سياق متصل، اعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور "حسن حزوري"، أن المركزي يلجأ لأدوات غير اقتصادية لتثبيت سعر الصرف لذلك فشل في هدفه، وبدل التركيز على الإنتاج والنمو الاقتصادي تمّ الاتجاه للمنصة وتقييد حركة الأموال، ومراسيم منع التعامل بغير الليرة، وكلها تعدّ إجراءات قسرية وليست اقتصادية، مضيفاً أن الحكومة واللجنة الاقتصادية والمصرف المركزي لا يزالون يعتبرون سعر الصرف هدفاً، وهو بالواقع نتيجة للسياسات المعتمدة. 

وبيّن أن الأولوية يجب أن تكون للتركيز على النمو الاقتصادي ومعدلات الإنتاج، وبناءً عليها يستقرّ سعر الصرف، إلى جانب استقطاب الحوالات بسعرها الحقيقي، وإلغاء مراسيم التعامل بغير الليرة، وتخفيض الرسوم غير الشرعية، معتبراً أنه من واجب الحكومة ككل السماح بالمنافسة والاستيراد للجميع، وليس لقلة فقط، فالإجراءات التعجيزية من المنصة قلّصت عدد المستوردين وحدّت من المنافسة، وطالما أن السلع التي يقيّد استيرادها تصل تهريباً، فالموازنة والخزينة خاسرة بكل الأحوال، لذلك من الأجدى السماح باستيراد جميع السلع برسوم جمركية محدّدة لوقف التهريب واستنزاف القطع. 

ورأى ختامًا أن الإجراءات المتخذة والتي ترفع تكلفة المنتجات جعلت البضاعة السورية غير منافسة بالخارج، موضحاً أن ما يتمّ اتخاذه من قرارات تعرقل المناخ والبيئة الاستثماري، فلا يجرؤ أحد على المساهمة رغم وجود قانون جيد.