القدرة الشرائية للمواطن السوري بالحضيض... ذنب يتحمل وزره المركزي لهذا السبب 

بغض النظر عن تحسن أو تدهور أسعار الصرف في سوريا، فإن الاتجاه الوحيد الذي تسلكه القدرة الشرائية وقيمة العملة هو إلى الأسفل، أما رفوعات الرواتب المتواضعة والدعم المتهالك فهو كمن يطفئ حريقًا عظيمًا بقطرات من المياه. 

يفسر الخبراء الاقتصاديون المقربون من الحكومة ما يحدث بارتفاع أسعار المواد الداخلة في كل ترس من عجلة الاقتصاد كالمحروقات، مما أدى لتضخم التكاليف بالليرة السورية حتى مع ثبات سعر صرف الدولار. 

فلو قلنا إن سلعة مستوردة أو وطنية كانت تكلف قبل ارتفاع المحروقات 10دولار + 50,000 ليرة، فبعد ارتفاع المحروقات أصبحت تكلفتها 10دولار + 90,000 ليرة. 

ويلفت البعض إلى مسألة الركود وتراجع الطلب ومعه تراجع الإنتاج لأنه لا يمكن التوسع بإنتاج بضاعة لا يوجد عليها طلب كافي. 

وكل ما سبق ذكره هي عوامل مؤثرة لكنها ليست الأخطر والأهم في هذا السياق. 

انهيار القدرة الشرائية في سوريا... أين يكمن الخلل؟ 

مكمن الخلل الأخطر الذي يتفق عليه الجميع يقبع في السياسة المالية التي تديرها الدولة وبنكها المركزي، وهنا يلفت البعض إلى منصة تمويل المستوردات سيئة السمعة، التي تعمل دورها بغرض تخفيض الطلب على الدولار مما أدى لتراجع كمية البضائع والمواد الأولية الضرورية المعروضة للبيع وارتفاع أسعارها بشكل كبير. 

ويحاول المركزي أن يخلق طلبًا جبريًا على الليرة السورية بموجب قراره الأخير (1130) في آب الماضي الذي ألغى بموجبه القرار (970) الذي نوع مصادر تمويل المستوردين من خارج المنصة. إذ يعتمد القرار الجديد ببساطة على حبس السيولة السورية لزيادة الطلب عليها. 

وهنا يقول أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة حلب "حسن حزوري"، في حديثه لـشبكة "غلوبال"، إن هذا القرار سلبي ويعكس مدى التخبط وعدم وضوح الرؤية لدى صانع القرار الاقتصادي وراسم السياسة النقدية، وهذا سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع التكاليف والتضخم، وإلى مزيد من معاناة الناس. 

وأشار إلى أن مشكلة واضع السياسة النقدية أنه يعتبر سعر الصرف هدفاً، من دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى، وفي الواقع هو نتيجة. 

وقال "حزوري" إنه من الممكن تجميد الأموال وفق القرار الجديد لمدة قد تصل إلى 150 يوماً في المنصة، ما سيؤدي إلى زيادة تكلفة التمويل التي سيعكسها المستورد على المستهلك في النهاية، فكلما زادت فترة الانتظار سيؤدي ذلك الى تحوط التاجر وزيادة الأسعار بغض النظر عن تغير سعر الصرف. 

وهنا يحذر الخبراء من أن استمرار نهج المركزي بهذا الحال عبر خفض سعر الصرف مقابل ارتفاع تكاليف الصناعة، سيخلق فجوة كبيرة تجعل من المنتج المحلي أغلى من المستورد، ما يشجع التهريب أكثر ويصيب القطاعات الصناعية بمقتل، ويزيد من التضخم وعمق معاناة السوريين. 

ويرى البعض أن هذه الحال لن تستمر طويلاً، فحفاظ المركزي على سعر دولار منخفض وخفضه للسيولة وخلق الطلب على الليرة من قبل التجار، سيكلفه الكثير من القطع الأجنبي، بالتالي قد ينفلت سعر الليرة ويعود إلى سعره الطبيعي قياساً بالوضع الاقتصادي ولو بعد حين.