العمل بوظيفة ثانية أو ثالثة يصبح فرضًا على رب الأسرة السوري ليعيل أهله 

كشف الخبير الاقتصادي والدكتور في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق د. "محمد كوسا"، أن هناك نسبة متزايدة من الموظفين تلجأ إلى الوظيفة الإضافية أو العمل الإضافي بعد الدوام الأساسي في سبيل زيادة الدخل، وقد يصل البعض إلى العمل أكثر من 14 ساعة في اليوم لتأمين احتياجاتهم المادية. 

يحدث ذلك في ظل ارتفاع جنوني للأسعار، حيث يعتبر الناس أن العمل الإضافي هو الخيار الأمثل لزيادة الدخل، وأن الوظيفة الإضافية ستؤثر على حياتهم اليومية على الأمد البعيد لجهة تأمين ما قد يصعب تأمينه من الدخل الواحد الذي يجنيه الأهل. 

لذلك يعتبر البعض أن العمل الثاني أو ما يطلق عليه (الوردية الثانية) هي بوابة العبور لتحصيل دخلاً ثانياً؛ لكن الثمن قد يكون غاليًا، إذ لا نخطئ عندما نقول إن 14 أو 16 ساعة عمل لا تكفي أي مردود يحصل عليه أي شخص مهما كانت طبيعة العمل في ظل الارتفاع الكبير لكافة السلع والمواد الغذائية. 

وأضاف "كوسا": "بات من الضروري على كل شخص البحث عن عمل آخر في ظل تضخم الموارد وارتفاع سعر الصرف الذي بمجرد ارتفاعه ولو بشكل بسيط ترتفع معه كل الأسعار". 

احتياج الأسرة السورية يبلغ عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور: 

قال الخبير الاقتصادي "علاء الأصفري"، إن التضخم الحاصل في سوريا غير مسبوق وبالتالي يحتاج الفرد إلى العمل في عملين أو ثلاثة لسد الحد الأدنى من احتياجاته، لافتا إلى أن الأسرة السورية تحتاج من 2 – 2.5 مليون شهرياً لسد احتياجاتها في حال كان البيت ملك لصاحبه. 

وأكد أن الفوضى في الأسعار واستغلال التجار، في ظل العجز الحكومي عن مراقبة الأسواق بطريقة دقيقة وصارمة، بالإضافة إلى البطالة بسبب فرملة الإنتاج الصناعي والزراعي تؤدي إلى دورات اقتصادية غاية في السوء والركود. 

كذلك لفت "الأصفري" إلى أن "أكثر من 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، وهي كارثة اجتماعية واقتصادية على مجموع الشعب السوري"، مشيراً إلى أنه لا عدالة بالرواتب في القطاعين العام والخاص ما يدفع الفرد للعمل صباحا ومساءً ما يؤثر سلبا على صحته الجسدية. 

جهد وكد حتى النساء تضطر للتورط فيه: 

يؤكد الخبير الاقتصادي "فاخر القربي" في حديثه أنه حتى المرأة تلجأ للعمل المزدوج بشكل يومي في سبيل مواجهة الظروف الاقتصادية التي حولتها في بعض الأحيان إلى حاملة المسؤولية الكاملة عن أسرتها في ظل غياب معيل الأسرة. 

أما عن تأثير العمل المضاعف على الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، فبينّت رئيسة الشعبة النقابية لنقابة المعلمين والمرشدة النفسية "عفاف الهامس"، أن العمل بأكثر من مهنة يؤثر على إتقان العامل لعمله، وذلك بسبب زيادة الضغط والإرهاق النفسي وخاصة إذا ترافقت بمجهود جسدي، على عكس العامل بمهنة واحدة والمتقن لعمله. 

وأوضحت أن الضغط الاجتماعي قد يدفع الشباب للاستعانة بالطبيب النفسي واستخدام الأدوية المهدئة، مشيرة إلى أن الاعتماد على تلك الأدوية سيؤثر على الإنتاج وبالتالي سيؤثر على مختلف نواحي الحياة".