أسواق الموبايلات في سوريا تحتضر بعدما باتت جمركة الموبايل تعادل سعره 

خرج مشروع اقتناء موبايل جديد من جدول غالبية الأهالي في سوريا بعد رؤية الأصفار والأرقام الصادمة، حيث باتت أسواق الهواتف المحمولة "ملتهبة"، كما وصفها بعض المواطنين الذين عبّروا عن عجزهم المالي وعدم قدرتهم على شراء أجهزة الموبايل. 

ويؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن أسعار الموبايل تحلق بعيدًا جدًا عن القدرة الشرائية للناس، ولاسيما في الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت بشكل غير مسبوق، وهذا ما دفع فئة كبيرة من المواطنين لشراء هاتف مهرّب وتعديل الايمي من أجل تفعيله على الشبكة الخلوية السورية بسبب رفع جمركة الهواتف الذكية المستوردة من جهة والغلاء الكبير في الأسعار. 

أما تجار الهواتف المحمولة في منطقة البحصة فأشاروا إلى معاناة السوق المحلية بسبب نقص المعروض، إلى جانب ارتفاع الأسعار بسبب التأثير السلبي لارتفاع أسعار الصرف، وصعوبة إدخال المنتجات الجديدة للسوق المحلية. 

وأكدوا أن مبيعات السوق تراجعت خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ، حيث تشهد الأسواق حالة من الركود، وذلك بسبب قلة المعروض في الأسواق. 

بدوره أمين سرّ جمعية حماية المستهلك "عبد الرزاق حبزة"، أكد أن الارتفاع الكبير في أسعار الموبايلات ناتج عن الجمركة والرسوم المفروضة على الهاتف مما أدى إلى العزوف من قبل بعض الناس عن شراء الموبايلات، ودفع نسبة كبيرة لشراء الهواتف المستعملة أو رخيصة الثمن. 

ولفت إلى أن ذلك يشجّع عملية التلاعب والاحتيال ويؤدي إلى خسائر للخزينة العامة لأنه أدّى إلى عزوف المواطن عن شراء الأجهزة النظامية واللجوء إلى مصادر أخرى غير مشروعة للحصول عليها رغم تحذيرات وزارة الاتصالات من التبعات القانونية لذلك الأمر. 

وأشار "حبزة" إلى أنه من غير المنطقي أن تكون جمركة الهاتف تعادل سعره، وأمام هذا الواقع أرسلت الجمعية كتاباً إلى وزارات الاقتصاد والمالية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك لبيان الأسباب، حيث أشار ردّ المالية إلى أنها تتقاضى فقط 30% من الرسوم الباقي للاتصالات وهي المسؤولة عن تحديد الجمركة! 

كيف يستفيد الناس من الهواتف المهربة؟ 

شاعت مؤخرًا خدمة "كسر المعرف" أو "فك التقييد"، للموبايلات غير المجمركة في سوريا، إذ يلجأ أصحاب المحال والمختصون في مجال سوفتوير الأجهزة الذكية إلى كسر المعرف الخاص بهذه الأجهزة الذي يطلق عليه الـ IMEI أو "الأيمي"، عبر تبديل معرفات هذه الأجهزة بمعرفات أجهزة قديمة موجودة ونظامية.  

وبعد التعاميم الصادرة عن الهيئة الناظمة للاتصالات حول حظر كسر الـ IMEI واعتباره خرق قانوني عمداً، والتشديد على ملاحقة ممتهني ذلك، لجأ عدد من أصحاب محال الموبايلات لطريقة "الروت" التي تتم عن طريق التعديل في نظام الجهاز.  

و"الروت" هو عملية تمكين المستخدم العادي من الوصول إلى ملفات النظام الأساسية في الجهاز والمبني منها نظام أندرويد، عن طريق حقن برمجية تعدل صلاحيات الوصول للمستخدم وتشغل تطبيق يعطي هذه الصلاحيات ويسمح لباقي التطبيقات متل متصفح الملفات أن يصل لملفات النظام والتي تدعى روت أو الجذر.  

وحول إمكانية تغيير معرفات الموبايل من خلال "الروت"، فلتغيير المعرفات يجب أن يكون الجهاز مروّت أو rooted، وبعدها يتصل بالحاسوب عبر برامج وبوكس أو بأداة خاصة، وعبر هذه البرامج يتم تعديل المعرفات، ولكي يقبل الجهاز بتبديل المعرفات يجب أن يكون المعرف الجديد حقيقي، وهذا ما يبرر لجوء من يقوم بهذا العمل لأجهزة قديمة تعمل على الشبكة ويأخذ معرفاتها، ليبدلها بالموجودة داخل الجهاز الذي تم ترويته.  

يذكر أن كشف هذه الطريقة أو كشف المعرف المعدل سهل جداً عند شركة الاتصالات أو عبر مقدمي خدمات الاتصالات؛ فبمجرد أن تقوم الشركة بمراجعة تسجيلات الشبكة للخط الموضوع داخل الجهاز ستقوم المخرجات بإعطاء أنواع الأجهزة بدقة.  

وعبر بحث بسيط أو تدقيق أو من خلال برمجية بسيطة في شركة الاتصالات يمكن معرفة أن هذا المعرف الموجود على الشبكة كان مسبقاً مرتبط بجوال نوكيا والآن ارتبط بجهاز سامسونغ.  

وهذا ما جعل البعض يقومون بتبديل المعرفات بمعرفات سامسونغ لسامسونغ دون تبديل نوع الجهاز.  

كيف تدخل الموبايلات المهربة إلى سوريا؟ 

تعتبر الصهاريج التي تنقل النفط من مناطق شمال شرقي سوريا إلى مصفاة "حمص" طريق التهريب الأبرز، كونها تعمل تحت مظلة شركة "القاطرجي" التي توفر لسائقيها حصانة خلال تجاوزها الحواجز المنتشرة على الطرقات.  

ويشكّل خط التهريب من لبنان رديفًا ثانويًا في عملية إدخال "الموبايلات" المهرّبة، ويلجأ إليه التجار غالبًا نتيجة زيادة عمولة التهريب عن طريق شرق الفرات عبر الصهاريج، وفقًا لما أكد موقع "عنب بلدي".  

بدورها، تلاحق الحكومة أصحاب المحال وتجار الموبايلات المهرّبة، عن طريق مداهمة المحال المشبوهة، ونشر دوريات لمراقبة المشتبهين ببيع الأجهزة المهرّبة في محافظة حمص.  

وتطرح الموبايلات في الأسواق بعد التصريح عنها في شركتي الاتصالات ودفع الرسوم المفروضة، أو إخضاعها لعملية كسر الحماية الخاصة بها عن طريق برامج "root" التي تغير "IMEI" الجهاز، لتتمكن من العمل على شبكة الاتصالات، لتطرح بعدها بأسعار أقل بكثير من أسعار شركة "Emmatel" .