فلل فاخرة تحولت إلى إسطبلات ومراعي... ما قصة أزمة عقارات الصين؟
جرى تصميم فلل فخمة للطبقة العليا من المجتمع الثري في الصين، على نمط قصور ضيوف الدولة، وما يدعو للعجب أنها سرعان ما تحولت إلى إسطبلات ومراع للماشية بسبب أزمة الديون التي تعاني منها شركات التطوير العقاري مؤخرًا.
ناقش هذه القضية تقرير لمجلة "آي دي" المتخصصة في المعمار والإنشاءات التي تصدر شهرياً في كل من الصين وإيطاليا، وجاء في التقرير أن السكان الوحيدين في ذلك المجمع الفاخر من الفلل هم الماشية والمستكشفون المغامرون الذين يتجولون من حين لآخر حول الشرفات المقوسة والواجهات الحجرية لمئات الفيلات المهجورة.
وحسب تقرير المجلة الصادر حديثًا، يقع المشروع حول تلال شنيانغ التي تقع على بعد 400 ميل شمال شرق بكين، وقد جرى التخطيط لهذا المشروع في الأصل من قبل مجموعة غرينلاند، وهي شركة تطوير عقاري مقرها شنغهاي.
وبدأ العمل في تطوير الفلل الفاخرة في العام 2010. ولكن المشروع نُفّذ في غضون عامين ليتوقف تماماً. واليوم، لا تزال العقارات المتداعية مهجورة وقد تُركت الفلل خاوية تحوم حولها الأبقار.
تحكي قصة هذه الفلل الرئاسية بوضوح أزمة الصين الاقتصادية، حيث تكشف فصولها الحجم الحقيقي والمخيف لأزمة التطوير العقاري وقطاع العقارات برمته بالصين، الذي يعادل حجمه 30% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي.
وتجرى الآن إعادة استخدام المرائب المحتملة للقصور المهجورة مخازن لبالات القش، كما أن الأسوار المتواضعة ذات القضبان المزدوجة تحاصر قطعان الأبقار بين العقارات. وقال مزارع: "كان من الممكن بيع هذه (المنازل) بالملايين، لكن الأغنياء لم يشتروا حتى واحدة منها".
ما السبب وراء هذه الظاهرة الاقتصادية الغريبة؟
لم يجر توضيح الأسباب الدقيقة لفشل المشروع على الإطلاق، على الرغم من أن السكان المحليين لديهم نظرياتهم الخاصة.
وقال أحدهم إنه يعتقد أن الفساد الرسمي هو السبب، وأشار إلى أن تمويل المشروع قد انخفض على الأرجح عندما بدأت الحكومة في اتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات التطوير العقاري التي خرجت ديونها عن السيطرة.
وعلى الطرف الجنوبي لشبه جزيرة ماليسيا أيضًا، توجد مجموعة من المباني الشاهقة التي جرى بناؤها لإيواء عشرات الآلاف من الأشخاص في وحدات سكنية فاخرة مطلة على البحر، ولكن الشقق ظلت شاغرة بالكامل تقريباً.
وتعود قصة المدن الشاغرة في الصين إلى أن القوانين الصينية تمنع تملك الأراضي إلا لغرض التطوير العقاري، وعندما تأخذ الشركات التراخيص لبناء الأراضي من البلديات، فإنها ستكون مقيدة قانونياً بتطويرها في أجل محدد، بعده ستفقد هذه التراخيص وتعود الأرض للبلدية. وبالتالي، فإن شركات التطوير العقاري تتسابق على حيازة الأراضي وبنائها حتى لا تخسر تراخيصها.
وكانت شركات التطوير العقاري تأمل في استمرار النمو الاقتصادي الصيني، وبالتالي زيادة حجم الطبقة الوسطى وارتفاع دخلها بما يمكنها من تملك هذه الفلل الفاخرة والشقق، ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، وأصبحت في ورطة مالية ضخمة.
أما العامل الثاني فهو حاجة البلديات للتمويل عبر بيع الأراضي، وبالتالي فإنها أغرت الكثير من الشركات لشراء الاراضي.
وشهدت الصين فورة عقارية غير مسبوقة منذ عام 2017 وحتى منتصف العام 2020، حيث بلغ حجم الاستثمار في العقارات السكنية بين يونيو/ حزيران من عام 2019 ويونيو من عام 2020 نحو 1.4 تريليون دولار.
وحسب بيانات رسمية في بكين، فإن الصين شهدت فورة عقارية فاقت فورة العقارات الأميركية التي حدثت في بداية الألفية الثانية، وارتفعت فيها الاستثمارات السنوية إلى 900 مليار دولار.
وحسب بيانات مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية الأميركية، رفعت هذه الفورة المصحوبة بموجة مضاربات جنونية حجم سوق الإسكان في الصين إلى نحو 52 تريليون دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الصيني المقدر بنحو 13.5 تريليون دولار.
والسوق الصينية بهذا الحجم باتت تساوي ضعفي سوق الإسكان الأميركية وأكبر من سوق السندات الأميركية المقدرة بنحو 40 تريليون دولار.