فئات الليرة الصغيرة تصبح عبئاً على حامليها... قليل من يرضى استلامها 

يشتكي الأهالي في سوريا من صعوبة في التعامل مع العملة الورقية من فئة 100 و200 ليرة سورية، لدرجة وصلت حد المعاناة، وذلك خصوصًا عند تداولها لقاء أجرة في وسائط النقل حيث يرفض سائقو حافلات النقل أخذ هذه الفئة من العملة منهم بحجة عدم تداولها في السوق. 

ووصل الأمر إلى درجة أن بعضهم يمتنع عن نقل الراكب في حال حاول الدفع بالعملات المذكورة وإذا ما قبلوها يحملون الراكب المن والأذى وغالباً ما تنتهي القصة بخلاف ومشاجرة بين الطرفين دون رقيب. 

ذلك مع العلم أن المشكلة لا تقتصر على وسائل النقل، بل امتدت الظاهرة إلى أغلب أصحاب المحلات التجارية، ففي محال الخضار والفواكه على سبيل المثال يضعون أوزاناً إضافية دون باق بحجة عدم امتلاكهم من هذه الفئات عند إعادة الباقي للمستهلك. 

وفي ظل وجود هذه الفئات من العملة مع أغلب المواطنين يبقى السؤال هل تصبح حبيسة الأدراج مثلها مثل الـ 50 ليرة، وهل هناك توجه من الجهات المعنية لحل هذه المعضلة؟ 

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور "عابد فضلية"، إن المصرف المركزي يحدد كمية كل فئة بحسب مستوى الأسعار أي بحسب حاجة التداول لها، فإذا كانت ربطة الخبز ب ٢٥ ليرة ومعظم أسعار المواد الضرورية الأكثر بيعا وشراء في السوق تتراوح ما بين الـ ٢٥ والخمسين والخمس وسبعون والمائة ليرة، فيتم طبع وصك كميات كبيرة من فئات الـ ٢٥ و٥٠ والـ ١٠٠ ليرة سورية، أما إذا كان متوسط أسعار مثل هذه المواد هو ٢٠٠ ليرة فيتم طبع كميات كبيرة نسبيا من فئة الـ ١٠٠ والـ ٢٠٠ وإذا كان متوسط الأسعار هو ١٢٠٠٠ فيتم طبع كميات أكبر نسبيًا من فئة الـ ٢٠٠ والـ ٥٠٠٠ وغيرها. 

ويضيف المحلل الاقتصادي: "باعتبار أن الفئات النقدية التي لدينا مطبوعة عندما كان متوسط مستوى الأسعار منخفضاً فمن الطبيعي أن تكون نسبة عدد الفئات الصغيرة كبيرة، ولكن بعد أن ارتفع متوسط مستوى الأسعار خلال السنوات الأخيرة بسبب التضخم، فصارت الحاجة (للتداول والاكتناز) بالفئات الكبيرة أكبر بكثير من الفترة السابقة، والحاجة إلى الفئات الصغيرة قليلة جداً؛ بل شبه معدومة". 

ويلفت إلى أن هذا لا يعني أبدًا أن هذه الفئات الصغيرة قد فقدت قيمتها؛ بل يعني أن الحاجة إليها صارت ضعيفة جداً والتعامل بها وتداولها أصبح مربكاً. 

وعليه – بحسب "فضلية" - فإن الظاهرة المتمثلة بعدم قبول هذه الفئات الصغيرة أو بضعف الرغبة باستلامها لها تأثير نفسي سلبي لأنها دليل قاطع على وجود التضخم وارتفاع مستوى الأسعار ولأن الحاجة إليها ولاستخدامها صارت ضعيفة أو معدومة. 

أما من الناحية القانونية فإن التداول بكافة الفئات النقدية إلزامي ولا يحق (قانونياً) لأحد ولا لأي جهة في سورية أن يرفض تسلمها (تحت طائلة المخالفة والمسائلة)، بحسب ما ذكرت الصحافة الحكومية. 

ذلك علمًا أنه لا يحق لمصرف سورية المركزي أن يلغي التعامل بالفئات الصغيرة، بينما يحق له (عندما ترى الحكومة ذلك لازماً) استصدار عملة جديدة (مختلفة الشكل والتصميم) وإلغاء التعامل بالعملة القديمة، وفي هذه الحالة يحق له أيضا تحديد وطبع الفئات التي يراها مناسبة وتحديد نسبة كل فئة من إجمالي حجم الكتلة النقدية الجديدة، شرط أن يكون حجم الكتلة النقدية بالعملة الجديدة المطروحة للتداول مساوياً لحجم الكتلة النقدية التي تم إلغاء التعامل بها.