على إثر انهيار الليرة... الراتب بات يكفي لـ 1.4٪ من تكلفة المعيشة فقط 

كشفت دراسة محلية حديثة، أن قيمة الأجر الشهري في سورية تراجعت خلال 6 أشهر، أي منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر حزيران الماضي، بنسبة تزيد على 36.78%، وهي نسبة تقارب ما خسره راتب الموظف السوري بين عامي 2021 وبداية 2023. 

في التفاصيل، فقد قالت صحيفة "قاسيون" إن الحد الأدنى للأجور، انخفض بشكل فعلي من 94.2 دولار في عام 2015، إلى 38 دولار في عام 2019، وفي بداية العام الجاري هبط إلى حدود 15.8 دولار، وخلال ستة أشهر فقط، أي حتى منتصف 2023، انخفض مجدداً ليتأرجح عند حدود 9.8 دولار. 

وتابعت الدراسة، أن هناك انخفاض في قيمة الأجر، مقوماً بالدولار، بنسبة تزيد على 37.9% خلال ستة شهور فقط، وهي نسبة تقارب ما خسره الأجر السوري المقوم بالدولار بين عامي 2021 وبداية 2023 (أي ما استغرق سابقاً عامين لنخسره، خسرناه الآن في 6 شهور فقط، وهو ما يؤشر إلى تسارع التراجع في قيمة الأجر). 

ولفتت الدراسة، إلى أن الحد الأدنى الرسمي للأجور قد ارتفع – نظرياً- من 13,670 ليرة سورية في عام 2015 إلى 16,750 ليرة في عام 2019، ليعود ويرتفع مرة جديدة إلى 92,970 ليرة يتقاضاها العامل حتى الآن في منتصف 2023، وهو ما يعني نظرياً أن الحد الأدنى للأجور في البلاد "تضاعف" بحوالي 6 مرات منذ عام 2019، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع الشكلي ينهار بمجرد القيام تقويم الأجر بالدولار في السوق السوداء (بوصفه المعيار الفعلي الذي تتحدد تبعاً له أسعار جميع السلع في السوق تقريباً). 

الراتب السوري على معيار الذهب: 

استعانت الدراسة بمعيار الذهب، لقياس مستوى تراجع القيمة الحقيقية للأجور، حيث تبين أنه في عام 2015، كانت 13,670 ليرة سورية تستطيع شراء ما يقارب 2.6 غرام ذهب من عيار 21، لكن بعد أربعة أعوام فقط، أصبح الحد الأدنى للأجور البالغ 16,750 ليرة غير قادر على شراء سوى 1.01 غرام ذهب، ليواصل هذا الحد انهياره إلى أن أصبح بالكاد قادراً على شراء 0.2 غرام ذهب في عام 2023، ومع تسارع انهيار الليرة، انخفض عدد غرامات الذهب التي يستطيع الأجر شراؤها ليصل إلى 0.18 غرام، ما يعني أن قيمة الأجر الفعلية وفقاً لهذا المعيار قد انخفضت بما يزيد على 33.3% خلال ستة أشهر فقط. 

ووفقاً للدراسة، كان الحد الأدنى للأجور في عام 2015، قادراً على أن يغطي حوالي 20% من وسطي تكاليف المعيشة، لتهبط هذه النسبة إلى 5% في 2019، ثم إلى حدود 2.3% في بداية 2022، وصولاً إلى 1.4% في منتصف العام الحالي، أي أن نسبة التغطية انخفضت بحدود 39.13% خلال ستة شهور فقط. 

وخلصت الدراسة إلى أن الحد الأدنى للأجور تراجع من حيث قيمته الفعلية بنسبة 36.78% وسطياً خلال ستة شهور فقط. 

وتأتي الدراسة، في وقت يتسارع فيه معدل انهيار سعر صرف الليرة السورية، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازية ولأول مرة إلى 10350 ليرة، ليقوم "مصرف سورية المركزي" بمجاراة هذا الانهيار ويرفع بدوره سعر صرف الدولار في "نشرة الحوالات والصرافة" إلى 9200 ليرة، بزيادة قدرها 700 ليرة منذ بداية الأسبوع الجاري. 

زيادة الرواتب تم التهامها قبل أن تحدث: 

مع بداية موجة التصريح حول زيادة الرواتب في منتصف حزيران الماضي كان سعر صرف الليرة مقابل الدولار بحسب نشرة الحوالات والصرافة 8200 ليرة. 

واستمر السعر على حاله يقاوم إغراءات التسريبات الخاصة بزيادة الرواتب حتى 4 تموز، فوصل لـ 8400 ليرة وبعده بيومين في 6 تموز أصبح 8500 ليرة. 

ولم يقف عند هذا الحد فتسريبات الزيادة ما زالت مستمرة واستمرت معها تغيرات سعر الليرة مقابل الدولار حيث بلغت في 10 تموز بحسب نشرة الحوالات 8800 ليرة وفي أقل من 24 ساعة ارتفعت إلى 9 آلاف بتاريخ 11 تموز بقفزة واحدة أصبح 9200 في صباح 12 تموز، بحسب تلفزيون الخبر. 

فإذا كان متوسط الراتب الحكومي المعني بالزيادة حوالي 150 ألف ليرة، وكانت قيمة دولار الحوالات والصرافة قبل بداية التصريحات المُبشرة بالزيادة 8200 ليرة فإن زيادة نسبتها 70% تجعل الراتب بحوالي 255 ألف ليرة سورية أو 31 دولار "حوالات". 

وبعد مرور شهر وبذات العملية الحسابية فإن الزيادة 70% التي تجعل متوسط الراتب 255 ألف ليرة ستكون وفق سعر دولار الحوالات والصرافة بتاريخ 12 تموز حوالي 27.71 دولار أي أنها خسرت قبل وصولها لجيبة المواطن حوالي 3 دولار حوالات أو 30 ألف ليرة سوري.