لمتى ستظل سوريا محكومة بالغلاء؟ أستاذ بكلية الاقتصاد يستقرئ الوضع ويشرح
اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق "عدنان سليمان" أن بوادر الانفتاح السياسي الإقليمي والدولي على سورية سيتبعه لاحقاً انفتاح وانتعاش اقتصادي، لكن هذا الأمر بحاجة إلى سنوات، حتى يحدث الانعكاس الحقيقي على الدورة الاقتصادية.
لا توجد حلول جاهزة على الطاولة ولكن:
لفت "سليمان" إلى أنه لا يوجد حالياً معالجات سريعة وجاهزة يمكن أن تجيب عن كل الاستفسارات المتعلقة بالغلاء المعيشي، لأن هذه التعقيدات والتراكمات حصيلة سنوات والحلول ليست متاحة لأسباب داخلية وخارجية.
وشدد على ضرورة على وضع آليات وإجراءات لمعالجة التضخم إلى مستويات مقبولة وتقلبات سعر الصرف بأن يصبح مرناً ومستقر نسبياً، لأن رأس المال لا يحتمل في حساب تكاليفه للأصول الثابتة أو متغيرات الأجور أن يتقلب سعر الصرف ويرتفع التضخم بشكل أسبوعي أو شهري إنما يبني حساباته على تكاليف شبه ثابتة يضاف إليها متغيرات الربح.
وأكد أن التضخم يأكل المدخرات ويُفقد الليرة السورية قوتها الشرائية، بينما من المفترض أن تعبّر الليرة عن السعر وأن تكون وسيلة دفع وادخار، ولكن عندما تنخفض وتتدهور قيمتها أمام الارتفاعات المستمرة لسعر الصرف تلجأ الناس للتخلص منها وتذهب لملاذات آمنة كالعقارات والذهب والعملات الصعبة.
الليرة السورية تفقد وظيفتها:
لفت أستاذ الاقتصاد إلى أن الليرة فقدت وظيفتها الهامة كمقياس للقيمة وتحولت للتعبير عن السعر فقط.
واعتبر أن الاقتصاد عندما يمر باضطرابات يهرب الجميع من الادخار والاكتناز والأصول بالعملات المحلية وكلما ارتفع التضخم للعملة المحلية تنخفض القوة الشرائية لأصحاب الدخول الثابتة الفقيرة والمتوسطة وترتفع أصول وتتضخم ثروات الأغنياء وبالتالي الأغنياء ليس لديهم أي مشكلة مهما ارتفعت معدلات التضخم.
وأشار إلى أن العمل على كبح التضخم ورفع معدل النمو الاقتصادي والإنتاج أهم بكثير من العمل على سعر الصرف، علماً أن العمل عليه حالة صحيحة لكن لا يجب العمل على متغير واحد وترك باقي المتغيرات لأن النتيجة لن تكون إيجابية على المستوى العام في الاقتصاد معتبراً أن الخطوات التي بدأت صحيحة جزئياً لكن لا تكفي لننتقل إلى منطقة الانتعاش الاقتصادي.
تثبيت سعر الصرف... خطأ دفع السوريون ثمنه غاليًا:
أكد "سليمان" أن تثبيت سعر الصرف كان عملية مكلفة جداً ولم تؤد إلى النتائج المطلوبة، مضيفاً أن التدخل في سوق القطع عن طريق ضخ الدولار لتثبيت سعر الصرف يذهب بالمدخرات ويعطي حلولاً لمدة قصيرة، لأن السعر يجب أن يكون حقيقياً ومتوازناً.
واعتبر أنه "طالما لدينا سوق موازي نشط نتيجة الضغوط على العرض النقدي من العملات الصعبة فحاجة السوق سوف يتم إشباعها بشكل أو بآخر".
وعند سؤاله عن الدعم اعتبر أن منظومة الدعم السابقة كانت خاطئة، قائلاً: "كنت دائماً صاحب فكرة الانتقال إلى الدعم السلعي والنقدي معاً"، موضحاً أن مشكلة الدعم النقدي أنه يتآكل شهرياً بمعدل 7-10% بمعنى إذا أعطيت عائلة 100 ألف ليرة شهرياً ستصبح قيمة الدعم بعد عشرة أشهر صفر والحكومة ليس لديها القدرة على أن تضيف 10% على الدعم النقدي.
وتابع أن الحل الأمثل هو حصر الأسر التي ليس لديها دخل أو أجر ثابت وتقديم إعانات عينية ثابتة شهرية ورفع الحد الأدنى للدخل لأصحاب الدخول الثابتة في القطاع العام والخاص إلى ما يعادل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة بمعنى رفع الأجور من 100 ألف إلى 500 ألف وهو قليل جداً لكنها خطوة كبيرة لردم الفجوة بين الأسعار والدخل.