الحكومة تشتري القمح من الفلاح السوري بثمن بخس... ضربة أليمة للإنتاج المحلي
اعتبر الخبير التنموي "أكرم عفيف"، أن الأسعار الحكومية لموسم القمح والشعير هذا العام، على أنها "انفصال عن الواقع"، بينما أشارت الخبيرة الاقتصادية "لمياء عاصي" إلى أن التسعيرة ستؤدي إلى "استمرار الدخول في دوامة العجز المالي والتضخم".
في التفاصيل، فقد نقلت صحيفة "البعث" التابعة للحكومة، عن "عفيف" قوله إن أسوأ ما يحصل اليوم هو سياسة الحكومة تجاه الإنتاج الزراعي، الذي لطالما كان منقذاً خلال الأزمات والحصار المستمر منذ عقود.
وأضاف: "العالم كله يشتعل بحروب القمح والموارد، ونحن نقضي على كل أمل بالإنتاج محلياً".
واعتبر "عفيف" أن تسعير الكيلو بـ 2300 ليرة خاسر، حتى لو احتسب على تكاليف العام الماضي، حين كان الدولار بـ 3800 ليرة، فكيف اليوم وليتر المازوت بـ 7000 ليرة والبنزين بـ 10 آلاف ليرة، والفلاح اشترى كيس السماد بـ 300 ألف ليرة.
وأوضح أن الأسوأ من السعر، هو توضيح الحكومة أنها احتسبت كل التكاليف ووضعت هامش ربح 35%، "فبالأرقام وبحسب الإعلام الزراعي، كان إنتاج الدونم العام الماضي 167كغ، وعملياً لم يزد إنتاج الدونم عن 200 كغ من عشر سنوات، وبالتالي سيكون ما تدفعه الحكومة للدونم حوالي 500 ألف ليرة، بينما تكلفته الفعلية على الفلاح 1.3 مليون ليرة، فأين التكاليف وأين الربح الذي يتحدثون عنه والفلاح خاسر أكثر من نصف القيمة!"
قرارات الحكومة منفصلة عن الواقع وكأنها في بلد آخر:
رأى "عفيف" أن هناك انفصال عن الواقع في قرارات الحكومة، فخسارة الفلاحين هذا العام كبيرة، وتدمير المنتجين هو تدمير القدرة الشرائية للمواطن، فالتسعيرة يجب ألا تقل عن 4000 ليرة للكيلوغرام، خاصة وأن الفلاحين اضطروا للسقاية مرتين وليس مرة فقط، أولاً بسبب قلة الأمطار، وثانياً بسبب العاصفة الهوائية التي تسببت بشدة على المحصول، مما ضاعف كمية السماد والمحروقات، علماً أن السقاية تحتاج 8-16 ليتر مازوت للدونم.
على أي أساس تسعّر الحكومة كيلو القمح؟
تساءلت الخبيرة الاقتصادية والوزيرة السابقة "لمياء عاصي" قائلة: "على أي أساس تم تسعير كيلو القمح، وهو محصول استراتيجي، حيث السعر المعلن من الحكومة أقل من السعر العالمي؟!".
وبينت "عاصي" أن تسعير المحصول بسعر قليل، أدى في العام السابق إلى انخفاض الحصيلة المسلمة من الأقماح، والتي لم تكف لأكثر من ثلاثة شهور، والباقي تم استيراده، وهذا العام أعدنا تسعير القمح بـ 2300 ليرة، أي أقل من الأسعار العالمية، ولم نتعلم من السنة الماضية.
وعلى حد تعبير "عاصي"، كان الاستمرار بالاستيراد وعدم تشجيع المزارعين على زراعة القمح بات سياسة متبناة ودائمة لصالح المستوردين، بل إن كل الإجراءات التي نتخذها، تؤدي إلى استمرار الدخول في دوامة العجز المالي والتضخم الذي يعانيه الاقتصاد الوطني.
وحدد "مجلس الوزراء" مساء الثلاثاء 18 نيسان الحالي، سعر شراء محصولي القمح والشعير من الفلاحين للموسم الزراعي 2023 بواقع 2300 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد من القمح، و2000 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد من الشعير.
وبين المجلس أن تحديد هذا السعر، جاء نتيجة حساب دقيق لتكلفة الإنتاج الحقيقية في ظل الدعم المقدم للقطاع الزراعي من بذار ومحروقات وأسمدة، وبما يضمن هامش ربح للفلاح بنسبة 35 ٪ لكل كيلو غرام، وذلك بهدف التشجيع على تسليم المحصول واستجرار أكبر كمية ممكنة من الإنتاج.
وفي 2022، حددت الحكومة سعر شراء كيلوغرام القمح من الفلاحين بـ 1700 ليرة مع منح مكافأة 300 ليرة سورية لكل كيلوغرام يتم تسليمه من المناطق الآمنة بحيث يصبح سعر الكيلوغرام 2000 ليرة.
واستلمت "المؤسسة العامة للحبوب" 521 ألف طن من القمح فقط من الموسم الماضي، بحسب تصريح مدير المؤسسة "عبد اللطيف الأمين".
وتستهلك سورية 2.5 مليون طن من القمح سنوياً، يتم تأمين بعضها من القمح المحلي فيما تستورد الباقي من روسيا، وذلك بعدما كانت مكتفية ذاتياً قبل الأزمة بإنتاج يصل إلى 4 ملايين طن سنوياً مع إمكانية تصدير 1.5 مليون طن منها.