اللاجئ السوري في لبنان... شماعة للفساد وورقة ضغط لابتزاز المؤسسات الدولية
تجاوزت الاتهامات وموجات التحريض على اللاجئين السوريين في لبنان، حدود المعقول والمنطق، ويحدث ذلك بعد كل الانهيار الذي يعيش اللبنانيون فيه، وكل المآسي التي تعصف بهم.
وفي معرض حديثه عن هذا الموضوع، يستغرب الكاتب والناشط اللبناني "باسل صالح"، من التشفّي باللاجئين عند كل منعطف، ومع كل محاولة لبنانية رسمية لابتزاز المجتمع الدولي، وابتزاز الجهات المانحة، سواء لتذكيرها بالدفع أو لتذكيرها بزيادة المنح والأموال المحوّلة التي تستفيد السلطة والأسواق والخزينة اللبنانية منها، والتي تختفي وتتبخر قبل الوصول لمستحقيها.
التزوير والفساد هو العبء الحقيقي على الشعب اللبناني:
يعتبر الكاتب أن كل ذلك هو بهدف استمرار الاستفادة على ظهر اللاجئين، فأمر هذه الاتهامات، وأمر هذا المنطق التحريفي برمته، أصبح عبئًا على الشعب اللبناني على مختلف المستويات، فاللبنانيون هم من عليهم مواجهة مثل هذه الحملات، لا السير في موجتها.
ويشرح الكاتب أن مواجهة تلك الحملات ليس لأهداف إنسانية حصرًا، ولا لأهداف أخلاقيّة أو قومية أيضًا، بل لأن السير والانجرار خلفها هو آلية دائمة لمحاولات السلطة تضييع المسؤوليات والتغطية على نهبها المستمر كل أنواع المال، وإن من بوابة اللاجئين هذه المرّة.
ويضرب الكاتب مثالًا على الأمر بخطاب محافظ البقاع اللبناني "بشير خضر"، التحريضي، خلال لقاء دعت إليه دار الفتوى اللبنانية، وحضرته الجمعيات الأهلية والمدنية في محافظة البقاع؛ فقد ادعى أن وظيفته هي الأعلى إداريًا في الدولة اللبنانية، وذلك لا يغيّر حقيقة أن راتبه يبقى "أقلّ من الذي يحصل عليه النازح (اللاجئ) السوري في لبنان"، محاولًا، وإن بشكل غير مباشر، تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية هذه التداعيات.
وفي السياق ذاته، استكمل المحافظ "خضر" تحريضه على اللاجئين، حين غرّد على “تويتر” محمّلًا جزءًا من مسؤولية تسريع الانهيار إليهم، لاستفادتهم من البنى التحتية ومن المواد المدعومة من ناحية، وصولًا إلى استفادتهم من حوالي 330 مليون دولار من الكهرباء من ناحية ثانية، ناهيك عن استفادتهم من دعم سعر صرف الليرة قبل الانهيار ومع بدايته … إلخ.
وهو خطابٌ ليس بالجديد على مستوى المضمون، ولا على مستوى الشكل. إذ لطالما سعت الطبقة اللبنانية الحاكمة، وحاشيتها، إلى حرف أنظار الشعب اللبناني عن أصل المشكلة، وذلك باعتماد الخطب الشعبوية والعنصرية وتكثيفهما، بغرض التهرّب من المسؤوليات التي تعصف بالبلاد، عبر رمي المسؤولية على الآخر، أي آخر، متنصّلةً بذلك من كل محاسبة، ومستمرّة في الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة وتلك الكامنة.
ويوضح الكاتب، أن أي متابع يستطيع أن يستنتج، وبشكل مباشر، أن المحافظ "خضر" يتناسى أن أزمة فقدان راتبه قيمته الشرائية هو نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، ونتيجة وخلاصة حتمية لسياسات النهب التي اعتمدتها السلطات اللبنانية المتعاقبة.
من دون أن ننسى، أيضًا، أن العمليات المنظّمة لتهريب السلع والمواد المدعومة التي كانت تذهب باتجاه الأراضي السورية، لم يعمل أي جهاز لبناني على توقيفها أو اعتقال القائمين عليها، ولم يحرّك المحافظ "خضر" نفسه أي ساكن لمحاربتها وهي في نطاق محافظته.
ويؤكد الكاتب أن "المحافظ "خضر" يتناسى أن أحد الأسباب الرئيسية لوجود اللاجئين السوريين في لبنان، وأحد أسباب الانهيار الذي يطول الدولة اللبنانية، هو أن حزب الله، الأقوى من الدولة، يمارس السياسة من فوق الدولة وفوق قرارها الرسمي، ويصدر قرار الحرب والسلم، ويقاتل من أجل مصالح دولة أخرى، إذ قرّر خوض الحروب في غير منطقة، وقرّر العبث ببعض الدول الإقليمية خدمة لإيران".
وأشار الكاتب أيضًا إلى كمية الأموال التي دخلت إلى لبنان من بوابة اللاجئين السوريين هي التي تؤمّن الوظائف لعدد هائل من الموظفين اللبنانيين في المنظمات غير الحكومية، كما في الجمعيات المدنية، كما تؤمن وظائف وتشغّل الأطباء والمترجمين والمستشفيات والمعلّمين والمدارس والمتاجر … إلخ، كما أنها تحرّك الاقتصاد في لبنان، بعدما تمنّعت الدول عن دعمه، لأنه لم يعد يغريها تقديم أي شيءٍ بعد عقود من الدعم والمساعدات والمنح والمشاريع التي كانت تجيّر إلى حسابات المسؤولين الخاصة.
ويختم الناشط والكاتب "باسل صالح" بالقول: "لا بد من التنويه بأن وضع اللاجئين في حاجة إلى حل علمي وإنساني وسياسي ومضمون قبل كل شيء، وهذا لا خلاف بشأنه، إلا أن الحملات التحريضية المستمرّة، وبشكلها الراهن، وبشكلها العنصري الخفي، هي لتأجيج نار الفتنة بوجوه اللاجئين ليس إلا. وهي محاولاتٌ تقوم طبقة مأزومة بها، طبقة شرهة لا تستطيع إلا النهب ولا تستطيع كفّ يد نفسها عن مال شعبها العام ولا عن أموال اللاجئين ومنحهم، ولا تستطيع تقديم أي علاج فعلي وجدّي للأزمات التي تطيح البلاد، بل تمعن في سياسات تعريض لبنان للانهيار المستمرّ".