صندوق النقد يدق ناقوس الخطر بشأن لبنان ويحذر من بلوغ البلد نقطة اللاعودة
دق صندوق النقد الدولي، يوم الخميس الماضي، ناقوس الخطر محذرًا من أن لبنان في وضع خطير للغاية بعد مرور عام على التزامه بإصلاحات أخفق في تطبيقها، وحث الحكومة اللبنانية على التوقف عن الاقتراض من البنك المركزي.
وفي مؤتمر صحفي في ختام زيارته لبيروت، قال "أرنستو راميريز ريغو"، رئيس بعثة الصندوق: "نعتقد أن لبنان في لحظة خطيرة للغاية، عند مفترق طرق، مؤكدا أن التقاعس عن اتخاذ إجراءات مطلوبة من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها".
وأعلن صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان الماضي توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة للمساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات. واشترط الصندوق تطبيق البرنامج بالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات مسبقة وإقرار البرلمان لمشاريع قوانين عاجلة، أبرزها قانون "كابيتال كونترول" الذي يقيد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف، إضافة إلى إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية.
وفيما يتعلق بتطبيق الإصلاحات المطلوبة، أشار "ريغو" إلى أن "اللبنانيين أحرزوا تقدما، لكن مع الأسف التقدم بطيء جدا بالنظر إلى مدى تعقيد الوضع" لافتا إلى أن "البلد في أزمة كبيرة".
ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، ويعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان، ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وقيود مصرفية مشددة، لم يعد بإمكان المودعين معها الوصول إلى مدخراتهم العالقة.
وسجلت الليرة اللبنانية مقابل الدولار انهيارا تاريخيا مع تجاوز سعر الصرف عتبة 140 ألفا مقابل الدولار الواحد، بمعنى أن الليرة اللبنانية خسرت قرابة 98% من قيمتها، ورغم أنها عادت حاليًا إلى مستويات الـ 100 ألف دولار، لكنها تستمر بالتراجع والتدهور.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس "ميشال عون" في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أخفق البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس للدولة جراء انقسامات سياسية عميقة.
ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءا، مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، من بينها الإصلاحات التي يشترطها المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف نزيف الاقتصاد اللبناني.
وفي هذا الصدد، رسم مسؤول لبناني كبير، في حديثه لصحيفة "الجمهورية"، صورة بالغة القلق حيال المستقبل، وقال: "محطات توتر سياسياً وغير سياسي شهدناها في الماضي، ولكنها لم تلامس حدود ما نعيشه في هذه المرحلة، التي أشعر فيها بخوف حقيقي أكثر من أي وقت مضى".
واعتبر أنه "لا خلاف على أنّ الحل السياسي هو مفتاح الانفراج الاقتصادي والمالي، ومع ذلك ثمة من يعقّد الحل السياسي لأسباب واقعية وغير واقعية، ظناً منه أنّه قد يحقق مكتسبات"
وأشار المسؤول إلى أنّ "النحّر المتواصل لأي حلول أو فرص تفاهمات، نشهده منذ بدايات الأزمة، وصار يقرّبني أكثر من أن أسلّم للفرضية التي تقول إنّ الواقع السياسي بالشكل الذي يسير فيه بين التناقضات ومؤسسات دستورية معطّلة عمداً، ومع مكونات رافضة لبعضها البعض، يُخشى أنّه لن يطول به الأمر ليجعل من النظام السياسي القائم، نظاماً منتهي الصلاحية بالكامل".