رمضان العرب... جيوب فارغة بمصر وسوريا وغلاء فاحش بالجزائر ولبنان والأردن

يأتي شهر رمضان الفضيل على العالم العربي هذا العام في ظل ظروف اقتصادية خانقة، فمصر تشهد تضخمًا بالأسعار ونقصًا في النقد الأجنبي، وسوريا بات الغلاء فيها قاعدةً واستقرار الأسعار هو الاستثناء، أم لبنان فإن ليرتها باتت كالورق واجتاحت الدولرة البلد كما لم تفعل من قبل، وأخيرًا فإن الجزائر والأردن لم يكونا أفضل حالًا ولا استثناءً من الغلاء.

الرمضان في سوريا هذا العام... غلاء لا مثيل له حتى أيام الحرب:

يصف الخبير الاقتصادي السوري "عبد الناصر الجاسم"، شهر رمضان هذا العام بالأكثر قسوة، كما أن الأسواق خلاله تتمرد على كل المعادلات الاقتصادية المألوفة، موضحا في تصريح لصحيفة "العربي الجديد" أنه "رغم تراجع الشراء والعرض الزائد، خاصة بعد تجميد العقوبات الاقتصادية إثر زلزال فبراير/شباط الماضي، إلا أن الأسعار لم تنكسر، بل على العكس، نراها ترتفع على نحو يومي".

وأضاف الجاسم أن "غلاء الأسعار وغياب الرقابة وجمود الأسواق، ثلاثية تحكم الأسواق السورية، لافتا إلى انسحاب المؤسسات الحكومية، من التدخل في الأسواق وعرض سلع منافسة بالسعر، لتكتفي بدور المحلل الاقتصادي الذي يتوقع ويحذر وينصح".

وأشار إلى أن هذا الانسحاب المستمر منذ نحو شهرين يأتي على ضوء تهاوي الليرة التي وصلت في تعاملات الاثنين الماضي إلى نحو 7550 ليرة للدولار الواحد، مضيفا أن متوسط تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أفراد، تخطى بالاستناد إلى "مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة" من دمشق، عتبة 4 ملايين ليرة (530 دولارا) في حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور 92970 ليرة.

مصر ولبنان شريكتان بالتضخم الجامح:

يعد شهر رمضان هذا العام الأكثر صعوبة منذ سنوات طويلة، بالنسبة لأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة في مصر ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية التي يشهدها البلدان ودفعت عملتيه إلى التهاوي أمام الدولار، ليزداد الغلاء توحشاً بينما تتراجع قدرات فئات واسعة من المجتمع عن تقديم يد العون للفقراء في مثل هذا المناسبات على غرار ما يعرف في مصر بـ"شنط رمضان".

وخطفت الأزمة الاقتصادية الخانقة فرحة المصريين بقدوم شهر رمضان. فقد تراجع الإقبال على غير العادة على شراء مستلزمات هذا الشهر في ظل موجات هائلة من الغلاء لأسعار السلع الأساسية من لحوم ودواجن وزيوت وأجبان وبقوليات وأرز وسكر، متأثرة بتدهور حاد في قيمة الجنيه، وتعطل شحنات جديدة في الموانئ من كافة السلع ومستلزمات الإنتاج، استغلها التجار للمبالغة من جديد في تسعير ما لديهم من معروضات وسلع في المخازن.

ولا يبدو المشهد المعيشي المتأزم مختلفاً في لبنان، حيث يعاني الكثير من المواطنين من غلاء فاحش ناجم عن توحش الدولار، وسط غرق البلاد في أزمات اقتصادية وسياسية يفقد المواطنون الأمل في الخروج منها. ولامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء حاجز 140 ألف ليرة، ما أدى إلى قفزات غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية.

وازدادت الأسعار توحشاً منذ أن بدأت محال السوبرماركت تسعير السلع بالدولار مطلع مارس/ آذار، بقرار من السلطات إزاء التراجع السريع في قيمة العملة المحلية. وكانت قد سبقتها إلى ذلك قبل أشهر، المطاعم والمتاجر في بلد يستورد 90% من سلعه.

أسواق الرحمة الحكومية في الجزائر تعجز أمام الغلاء:

وقع السيناريو الذي يخشاه الجزائريون عشية كل رمضان، فأسعار المواد واسعة الاستهلاك سجلت قفزات كبيرة، فاقت 100% في بعض الأصناف، وذلك رغم تطمينات الحكومة المتواصلة بـ"إغراق السوق" بالمواد لكبح جشع المضاربين، وتدشين ما وصفتها بـ"أسواق الرحمة" في العديد من مناطق البلاد.

وقفزت أسعار اللحوم الحمراء خلال الأيام الأخيرة من 1800 دينار (13 دولاراً)، للكيلوغرام الواحد من لحم الخروف، إلى 2200 دينار، رغم تعهد الحكومة بتوفيره بسعر 1200 دينار، ومن 300 دينار (2.2 دولار)، للكيلوغرام الواحد من لحم الدجاج إلى 400 دينار.

وعلى المنحى نفسه ارتفعت أسعار الخضر، حيث قفزت أسعار الطماطم من 80 ديناراً إلى 150 ديناراً، ومن 50 ديناراً إلى 70 ديناراً للكيلوغرام الواحد من البطاطا. ولم تقتصر المشاهد على الغلاء، إذ امتدت إلى ندرة بعض السلع، على غرار زيت الطعام، ما أدى إلى صعود سعره بشكل لافت.

الغلاء حديث الأردنيين الأبرز قبيل رمضان:

عادة ما يستعد الأردنيون لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله بالإقبال على الأسواق وشراء مستلزماتهم من الطعام والشراب، أو ما يطلق عليه "مونة رمضان"، في شهر يمتاز بذروة الإنفاق وارتفاع الأسعار نتيجة الزيادة في الطلب.

ورغم معدلات التضخم المرتفعة، يتوقع التجار أن تتضاعف الحركة التجارية مع نهاية الأسبوع الحالي تزامنا مع صرف رواتب القطاع العام، إلى جانب التحضير "لطرود الخير" التي تقدمها الجمعيات الخيرية للأسر الفقيرة والمحتاجة.

ومع اقتراب شهر الصيام الذي يبدأ في نهاية الأسبوع، تكثر المطالبات بمراقبة الأسواق من حيث المخزون وتوافر السلع المعروضة إلى جانب منع الاحتكار ورفع الأسعار.

وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية فإن معدل التضخم في فبراير/ شباط الماضي ارتفع إلى 4.25% على أساس سنوي، و0.69% على أساس شهري.

يذكر أن الأردن يستورد نحو 80% من غذائه وفقا للأرقام الرسمية، وبكلفة تتجاوز سنويا أربعة مليارات دولار.