لبنان على حافة الانهيار الشامل... المسألة هذه المرة أكبر من أسعار الصرف
لا يخفى على أحد الانهيارات المتتالية والمتصاعدة على أكثر من صعيد في لبنان. آخرها إضراب القطاع العام وشلل الإدارات العامة بما فيها الإدارات المالية المنتجة للإيرادات المالية، وتجاوز سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية المئة ألف ليرة لبنانية بوتيرة متسارعة منذ أقل من شهرين.
والآن يضاف إلى ذلك عجز المجلس النيابي حتى اللحظة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وسعر الدولار الجمركي وأسعار خدمات الهاتف الخلوي ورفع تعرفة رسوم الكهرباء، وتفاقم أزمات القطاع المالي والمصرفي وعرقلة سير عمل القضاء بالنسبة للتحقيقات الجنائية ذات الأهمية القصوى، وأبرزها قضية جريمة انفجار مرفأ بيروت.
وإذا أردنا المتابعة أكثر فلدينا ملف الأموال المنهوبة والمهربة نحو الخارج، وصولاً إلى أزمة الرغيف وفقدان الأدوية الضرورية للأمراض المزمنة والسرطانية وارتفاع أسعار المحروقات يوماً بعد يوم بصورة متواصلة.
ولا يختصر الانهيار الدراماتيكي المستمر في سعر صرف الليرة اللبنانية وحده؛ فما يحصل منذ بداية 2023 بات يتعدّى بنتائجه وبمؤشراته حصيلة أعوام الأزمة بكاملها على مدى ثلاث سنوات ونيف، وينذر بسرعته غير المسبوقة باضطراباتٍ اجتماعية وأمنية يُخشى أن تزعزع الاستقرارَ الهش.
وفي الوقائع الميدانية، كشفت الإحصاءاتُ المحدّثة أن تقليص الكتلة النقدية المحرَّرة بالليرة إلى نحو 69 تريليوناً منتصف الشهر الحالي، مقابل نحو 83 تريليون ليرة نهاية الشهر الماضي، لم ينعكس بتاتاً على مجرى العمليات النقدية في الأسواق المُوازية التي شهدت انخفاضاً جديداً لسعر الليرة اللبنانية بنسبة تعدّت 23 في المئة خلال أسبوع عمل واحد، واستمرّ النمط عيْنه حتى اليوم الاثنين ليقفز الدولار إلى مستوى 116 آلاف ليرة.
وبالتوازي، سجلتْ ميزانية مصرف لبنان تقلصاً إضافياً في حجم الموجودات الخارجية بمقدار 260 مليون دولار خلال النصف الأول من الشهر الحالي، ما أفضى إلى انحدار الاحتياطيات السائلة من النقد الأجنبي لديه إلى ما دون 9.5 مليار دولار.
أمّا على صعيدٍ سنويٍّ، فقد تراجعت قيمة الموجودات الخارجيّة لمصرف لبنان بنسبة 12.72 في المئة، أي ما يوازي 2.11 مليار دولار، مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في منتصف شهر آذار من العام الماضي، والبالغ حينها 16.58 مليار دولار.
سعر الصرف والتضخم في لبنان... سباق محتدم:
يتجه لبنان إلى التمركز القوي في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشري انهيار العملة الوطنية والتضخم، وفق النمط اليومي لتطور المؤشرين، وذلك بعدما سجّل ثاني أعلى نسبة تضخّم اسميّة في أسعار الغذاء حول العالم محققاً رقم 139 في المئة كنسبةِ تغيُّر سنويّة في مؤشّر تضخّم أسعار الغذاء، ومسبوقاً فقط من زيمبابوي التي سجلت نسبة 264 %.