يد اللبناني لم تعد تكفي لعدها... عدادات النقود في كل مكان بعد انهيار الليرة
مع الانخفاض المتسارع في سعر صرف الليرة اللبنانية نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية، التي تضرب البلاد منذ 2019، فقدت الكميات الكبيرة من العملة قيمتها الشرائية، فلجأ العديد من الناس إلى شراء آلات عد النقود حتى وصلت إلى المتاجر والمحال الصغيرة.
وأمام تضخمٍ قد يمكن القول إنه منقطع النظير في تاريخ البلد، لجأ التجار والباعة وحتى عامة الناس إلى شراء آلات عد النقود، التي أصبح جزءا أساسيا، ليس فقط في المتاجر بل بالبيوت.
وبحسب تقرير وكالة الأناضول، فقد ترى المواطنين في الشوارع أصبحوا يحملون حقائب صغيرة، بالتزامن النشط أيضا على شراء الخزنات الحديدية لوضعها في المحال أو المنازل.
الطرقات مليئة بإعلانات عداد النقود:
كانت في الماضي تنتشر لوحات إعلانية على جوانب الطرقات تروج للطاقة الشمسية والبطاريات، أما اليوم ومع الارتفاع الكبير للدولار، أصبحت إعلانات عداد النقود تطغى على منتجات أخرى.
في هذا الصدد يقول "محمد الحلاق" صاحب متجر لبيع العدادات والخزائن في بيروت: "منذ أن تخطى الدولار 20 ألف ليرة لاحظنا الطلب المتزايد على آلات عد النقود".
وأضاف "الحلاق" لوكالة الاناضول، أن قبل الأزمة "كنا نبيع عداد نقود واحد خلال 6 أشهر ولكن اليوم يتم بيع 4 في الشهر الواحد".
ولفت عن أن عدّ الأموال وفحصها من التزوير، اتخذ منحى آخر في لبنان في حين كان في السابق يقتصر على المتاجر الكبرى.. "أصبح اليوم الجميع بحاجة إلى هذا العداد الآلي في المنزل والمكتب والمتاجر الصغيرة".
قيمة النقود تتدهور ولم يعد بالإمكان عدها يدويًا:
قال "أحمد زكريا" الذي يعمل محاسب في إحدى المطاعم بشارع الحمرا الشهير ببيروت: "أصبحنا بحاجة لماكنة عد النقود بدل عدها نقدا، لأن الأسعار بالدولار ونتقاضى الأموال بالليرة اللبنانية، فكل 100 دولار تساوي 10 ملايين ليرة".
وأضاف أنه قبل الأزمة، كان بإمكانه بسهولة عد الأموال التي يحصل عليها من الزبائن يدويا، بسبب قلة عدد الأوراق النقدية، "ومع ذلك، إذا اشترى بعض اللفائف والمشروبات الآن، فعلينا أن نحسب المال به من خلال آلة عد النقود".
الحقائب لم تعد كافية:
قال المواطن "أحمد صبح" (40 عاما) الذي جاء إلى المتجر لشراء خزنة لوضعها في منزله، إنه لم يعد بإمكانه الاحتفاظ بالمال في درج صغير أو حقيبة يد أو عين في المنزل بسبب زيادة حجم الليرة.
وأضاف صبح: "إذا كان لديك 500 دولار في المنزل الآن، فأنت بالتأكيد بحاجة إلى خزنة لتخزين هذه الأموال أو حمايتها.. بعد تحوليها إلى العملة اللبنانية".
الأسعار بالدولار والدفع بالليرة:
بدأ لبنان، في الأول من الشهر الحالي، تطبيق قرار التسعير بالدولار في المتاجر الغذائية الكبرى، بهدف الحد من التلاعب في الأسواق واختلاف تسعير البضائع مقابل الدولار على يدفع المواطن بالليرة اللبنانية.
ومنذ 2019 لم تستطع السلطات اللبنانية إيقاف تدهور عملتها مقابلة الدولار، في بلاد يعتمد على استيراد ما يقارب من 90 بالمئة من احتياجاته منذ أن كان الدولار الواحد يقارب 1500 ليرة في 2019.
أما اليوم فقد أصبح كل دولار يساوي أكثر من 100 ألف ليرة في السوق السوداء في حين أن قيمة أكبر عملة نقدية في لبنان هي من فئة 100 ألف ليرة، إذ كانت تساوي كل 100 دولار 150 ألف ليرة، أما اليوم فقد أصبحت كل 100 دولار تساوي أكثر من 10 ملايين ليرة.
وكشفت بيانات إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية (حكومي)، أن أسعار المواد الغذائية سجلت ارتفاعا فاقت نسبته الـ 6000 بالمئة منذ ديسمبر/كانون أول 2019 وحتى نوفمبر/تشرين ثاني 2022.
وبحسب آخر تقرير للبنك الدولي، احتل لبنان الترتيب الثالث عالميا والأول عربيا في قائمة الدول الأكثر تضررا من تضخم الغذاء، بعد أن سجلت البلاد ارتفاعا بنسبة 143 بالمئة في أسعار المواد الغذائية بنهاية يناير الماضي.