الإمارات تصبح من أكبر 20 شريك تجاري لروسيا على وجه الأرض

أصبحت الإمارات، ولأول مرة، من بين أكبر 20 شريكاً اقتصادياً أجنبياً لروسيا، وفق إحصاءات موسكو الرسمية لعام 2022، التي أعلنها نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة "دينيس مانتوروف"، لتسجل أبوظبي بذلك مستوى قياسياً للتبادل التجاري مع موسكو، بلغت قيمته 9 مليارات دولار.

وزاد حجم الصادرات من روسيا إلى الإمارات بنسبة 71%، إلى 8.5 مليارات دولار، والواردات 6% إلى 500 مليون دولار، لتكون الإمارات بذلك "الشريك التجاري العربي الأول لروسيا"، حسبما نقلت وكالة تاس الروسية عن "مانتوروف".

وجاءت أرقام القفزة التجارية القياسية بين البلدين في إطار زيادة وتيرة التعاون الاقتصادي بينهما بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث تحتضن أسواق الإمارات أكثر من 4 آلاف شركة روسية، فيما تمتلك 60 مشروعاً في روسيا.

وتعتبر الإمارات أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، حيث تستحوذ على 55% من إجمالي التجارة الروسية الخليجية، كذلك تُعَدّ الوجهة الأولى عربياً للاستثمارات الروسية، وتستحوذ على 90% من إجمالي استثمارات موسكو في الدول العربية، بحسب بيانات رسمية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ذكر وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي "ثاني بن أحمد الزيودي" أن نسبة التجارة غير النفطية بين الإمارات وروسيا ارتفعت بنسبة 57% خلال عام 2022، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

الحياد المربح... لم تخسر الأمريكان وكسبت الروس:

مثّل انتهاج الإمارات لموقف الحياد حيال الغزو الروسي لأوكرانيا البوابة الكبرى للقفزة التجارية، إذ ضغطت العقوبات الغربية على اقتصاد روسيا بعد غزو أوكرانيا بقوة، وجاء التعاون مع الإمارات بمثابة ملاذ لتخفيف وطأة العقوبات، وهو ما كان له بالغ الأثر في انكماش الاقتصاد الروسي خلال العام الماضي فقط بنسبة 2.1% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يقل كثيراً عن التوقعات الدولية، حسبما أوردت وكالة "بلومبيرغ".

فالتوقعات الرسمية الروسية كانت تشير إلى انكماش الاقتصاد بمعدل 3%، فيما دارت توقعات كثير من المحللين الغربيين حول انكماش بمعدل 10% في بدايات فرض العقوبات على روسيا، منذ حوالي عام.

وإزاء ذلك، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية "آنا سوانسون"، في مقال نشرته بصحيفة "نيويورك تايمز" مطلع فبراير/ شباط الجاري، أن "اقتصاد روسيا ربما كان قد تعافى بالفعل إلى مستويات ما قبل الحرب".

بينما عدل صندوق النقد الدولي، في 20 فبراير/ شباط، من توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي لعام 2023، مرجحاً نسبة 0.3%، في تحسن حاد عن تقديراته السابقة بانكماش نسبته 2.3%.

الولايات المتحدة ليست مسرورة:

إن قفزة التعاون بين الإمارات وروسيا تواجه خطراً متزايداً، في ظل اتجاه الولايات المتحدة الأميركية لمدّ أثر العقوبات إلى الدول التي توفر ملاذاً اقتصادياً لروسيا، وذلك بعد احتفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأرقام الاقتصاد الروسي، التي جاءت فوق توقعات الانكماش المتوقعة. 

هذا التمديد هدد به نائب وزير الخزانة الأميركي "والي أدييمو" صراحة بقوله إن "الولايات المتحدة ستحذر الشركات مباشرةً من التهرب من العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا"، حسبما أوردت وكالة "رويترز".

وأضاف "أدييمو"، موجهاً حديثه لمسؤولي الدول والشركات المتعاونة مع روسيا: "يمكنكم مواصلة القيام بأشياء تفيد موسكو وتزودها بالدعم المادي، ولكنكم بعد ذلك تتحملون خطر فقدان الوصول إلى الاقتصاد الأوروبي والأميركي والبريطاني.. هذا خياركم".

ويأتي التهديد الأميركي في وقت حساس بالنسبة إلى الإمارات، التي وُضعَت العام الماضي تحت إشراف معزز من قبل مجموعة العمل المالي "فاتف"، وهي هيئة مراقبة عالمية لمكافحة غسل الأموال.

ويمثل تعاطي أبوظبي مع هذا التصنيف المالي، ومع التهديد الأميركي بشأن عقوبات محتملة، محددين رئيسيين في استمرار زواج المصالح الاقتصادية بين الإمارات وروسيا من عدمه.