4 أقراص فلافل بدولار... التسعيرات في لبنان تخرج عن السيطرة
قبل حوالي أسبوعين من الآن، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني "أمين سلام"، اعتماد التسعير بالدولار في المحال التجارية. وقال إن “العملة اللبنانية استهلكت واستغلت من الدولار بسبب السياسات المالية القديمة، إذ وصل الدولار الواحد إلى 90 ألف ليرة لبنانية”.
وأكد "سلام" حينها أن القرار لم يأت بشكل عشوائي بل بتنسيق مع مجلس النواب ودراسة من مختصين في الاقتصاد والتجارة، الذين أكدوا أن إيجابياته تفوق السلبيات.
لكن مردات القرار وآثاره تجاوزت المتوقع بحسب البعض، وباتت السوق اللبنانية تشهد مزيدًا من الفوضى والغلاء، مع انفلات سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وخروجه عن السيطرة.
في قطاع المطاعم الشعبية على سبيل المثال، دأبَت بعض المطاعم على تسعير أطباقها بالدولار، لكنّ المفاجأة لم تنحصر هنا بل طالت أيضاً "قرص الفلافل" الذي لم يسلَم من الغلاء المُتزايد أبداً.
ففي بعض المطاعم التي تبيع "سندويشات الفلافل"، تبيّن أنَّ "فرص الفلافل" الواحد بات بـ 0.25 سنتاً، أي بـ 23 ألف ليرة لبنانية وفق سعر الدولار 92 ألف ليرة. وعليه، فإنَّ سعر 4 أقراصٍ من الفلافل تُباع بدولار واحد، هذا عدا الخبز والخضروات الموجودة ضمن السندويشة والتي بات سعرها نحو 130 ألف ليرة في مطاعم عديدة.
في لبنان لا تدع الأرقام الجديدة تخدعك:
في جولة على رفوف بعض المتاجر الكبيرة التي يواصل عمالها تغيير ملصقات الأسعار لتصبح بالدولار، قد يظن المرء لوهلة أن الأسعار منخفضة، لأن بعض السلع الصغيرة مسعرة بأقل من 3 دولارات، لكن تحويل الأسعار إلى العملة الوطنية يكشف هول التضخم والأرقام الخيالية.
فمثلا، من يخرج من المتجر وفي عربته أصناف قليلة من الحبوب والأجبان وبعض اللحوم والمعلبات ومساحيق التنظيف، بقيمة 50 دولارا، قد يبدو السعر عاديا ومنطقيا، لكنه يبلغ بالليرة نحو 4.5 مليون، وهي تفوق راتب موظف في القطاع العام.
بالمقابل، ما زالت معظم المتاجر الصغيرة بالأحياء السكنية تعتمد على التسعير بالليرة، وتتجه تدريجيا للتسعير بالدولار، بينما يعبر مواطنون عن خشيتهم من تعزيز الغش بالتسعير، خصوصا أن سعر صرف الدولار يتقلب على مدار الساعة صعودا وهبوطا.
وهكذا فيعتقد الخبراء أن لبنان يتجه نحو "الدولرة" الشاملة، على حساب التعامل بعملته المحلية، وتاريخيا، وفيما كان البلد يعتمد بشكل محوري وأساسي على الدولار كرأس مال استثماري ولحفظ المدخرات، وفئة من الودائع المصرفية، إلا أنه منذ انفجار الأزمة خريف 2019، أصبح يحل تباعا مكان الليرة بالمداولات اليومية النقدية "الكاش" وفي إجراء المعاملات التجارية.