تجارة السماد في سوريا... فضائح وفوضى تهددان لقمة الناس وغذاء البلد
ارتفع سعر السماد بالسوق السوداء في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك بعد توجيه اللجنة الاقتصادية بيع السماد مهما كان نوعه، وفق التكلفة الفعلية بعد احتساب تكاليف ومستلزمات الإنتاج الحقيقية، وتحديد هامش ربح 2 بالمئة للمصرف الزراعي التعاوني من أجل تغطية تكاليفه.
وساهم بذلك أيضًا تخفيض حصة الفلاحين من السماد التي يتم توزيعها عبر التنظيم الفلاحي، ويتم استجرارها من المصرف الزراعي التعاوني، واستجرار النصف الثاني من حاجتهم من السوق السوداء.
وبين عدد من الفلاحين أن سعر كيس السماد الذي يباع للفلاحين عبر المصرف الزراعي بـ 120 ألف ليرة يباع من النوعية نفسها في السوق السوداء بـ 350 ألف ليرة سورية وهناك كميات كبيرة متوفرة في السوق السوداء تباع بأسعار خيالية من دون رقيب أو حسيب.
وأشار الفلاحون إلى أن الجمعيات الفلاحية لا تخبرهم عن موعد توزيع السماد الموزع من قبل المصرف الزراعي أو كيفية الحصول على مخصصاتهم من السماد المخصص للقمح وخاصة أصحاب الحيازات الصغيرة.
السماد في سوريا يغيب في وقت الحاجة إليه!
يصف الدكتور المهندس والخبير الزراعي "بسام السيد" ما يحدث قائلًا: "مع وصول المواسم من البقوليات والقمح والزيتون والحمضيات إلى مرحلة حاجتها الماسة للسماد، أصبحت تظهر أعراض نقص السماد عليها وتخطف لون وجوه الفلاحين كما هو حال مواسمهم التي خطف الاصفرار لونها لقلة التغذية، إذ يباع السماد في الاسواق السوداء بأسعار لا يمكن تصديقها وعبر وسطاء".
وأكد "السيد" أن حاجة الدونم الواحد المزروع من القمح وفق الخطة الزراعية هو 30 كيلو من السماد، وتم منح الفلاحين 15 كيلو لكل دونم، وبواقع 50 بالمئة من جدول الاحتياج وحسب المتوفر.
وأشار إلى توفر السماد في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جداً تفوق طاقة الفلاحين ومن نوعية السماد نفسها التي تباع من المصرف الزراعي.
من المسؤول عن هذه الفوضى؟
أكد مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك "نضال مقصود" أن مراقبة أسعار السماد من مسؤولية وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ولا تقوم وزارة التموين بمراقبة أسعاره، وذلك في حديثه لصحيفة "الوطن" المحلية.
وبيّن مصدر في وزارة الزراعة للصحيفة، أن مراقبة الأسعار بالنسبة للسماد من اختصاص وزارة التجارة الداخلية، أما مراقبة السماد من الجهة الفنية فيتم من قبل الوزارة وتقوم بأخذ عينات من السماد وتدرس مدى مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة وهل عليها لصاقة أم لا.
وأضاف المصدر أن لدى وزارة الزراعة عضواً في لجنة التسعير وهو غير مقرر والعضو المقرر في اللجنة هو من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومراقبة الأسعار في الأسواق من مسؤوليتها.
ثم لقت إلى أن أسعار السماد مثل الفروج والأعلاف من مهمة التموين مراقبتها وضبط أسعارها، وأمام هذا الواقع وتقاذف المسؤوليات لا يوجد جهة تراقب مبيعات وسعر السماد في السوق السوداء.
وأمام شد وجذب بين المسؤولين والجهات المعنية، يبقى ملف السماد الحيوي والهام جدًا لجهة لقمة عيش الناس وأمن البلد الغذائي بلا حل وبلا اهتمام حقيقي من أي جهة فاعلة.