هوس اكتناز الذهب يصيب بنوك العالم المركزية ويستمر في 2023... شراء كميات كبيرة

استمرت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بشراء الذهب منذ بداية 2023، وفقا لبيانات من المجلس العالمي للذهب. بينما ارتفعت عمليات الشراء بنسبة 16 ٪، مع إضافة 31 طنًا إلى الاحتياطيات الشهر الماضي.

وعلق "كريشان جوبول"، كبير المحللين في المجلس العالمي للذهب على هذا الاتجاه قائلًا: "من الواضح أن طلب البنوك المركزية على الذهب يتعافى بعد عام 2022، ونحن نشهد زيادة تتراوح بين 20-60 طن."

على سبيل المثال، قامت تركيا بالعديد من عمليات الشراء البارزة خلال الشهر الأول من العام متمثلاً في إضافة 23 طنًا من الذهب إلى احتياطيها الكبير بالفعل والبالغ 565 طنًا. كما ساهمت الصين أيضًا بـ 15 طن في إجماليها خلال نوفمبر/ تشرين الثاني و62 طنًا في ديسمبر/ كانون الأول، من العام الماضي.

عمومًا، يبدو أن العديد من البلدان تواصل استثماراتها في المعادن الثمينة مثل الذهب على الرغم من عدم اليقين الاقتصادي الذي يشهده العالم؛ وقد يكون هذا الاتجاه مؤشراً على زيادة الثقة في الاستقرار على المدى الطويل أو مجرد الرغبة في تأمين الملاذات الآمنة ضد الانكماشات المحتملة في السوق.

ومهما كان السبب، فمن المحتمل أن تنضم المزيد من الدول إلى أولئك الذين بدأوا بالفعل في الاستثمار بكثافة ليس فقط لحماية أنفسهم، ولكن للاستفادة من أي زيادة مستقبلية أيضًا.

لماذا تشتري البنوك المركزية الذهب؟

يعتبر الذهب حالياً في الدرجة الأولى على أنه وسيلة للتحوط، ويسارع المستثمرون لشرائه بكميات كبيرة عندما تشهد بلادهم مستويات عالية من التضخم أو مع اضطراب أسواق الأسهم بفضل قدرته العالية على الاحتفاظ بالقيمة كونه أحد المعادن النادرة.

يقول المركزي الهولندي في أحد تقاريره: "نحن نثق بالذهب، وهو يمنحنا شعور بالأمان، فلو انهار النظام المالي للدولة بأكمله سيكون احتياطي الذهب فرصة للبدء من جديد". ووصف الذهب في هذا السياق بأنه "منارة للثقة".

ترتبط قيمة عملة الدولة بقوة بصادراتها ووارداتها، فإذا تجاوزت قيمة واردات البلاد صادراتها سيشكل ذلك ضغطًا هبوطيًا على عملتها، والعكس بالعكس. من هذا المنطلق فإن أسعار الذهب العالمية تؤثر على البلدان المصدرة والمستوردة.

بالتالي، فإن البلد الذي يصدر الذهب سيشهد قوة في قيمة عملته عندما ترتفع أسعار المعدن الثمين، لأن ذلك يزيد القيمة الإجمالية لصادراته ويمكن أن يخلق فائضاً تجارياً لديه ويعوض العجز.

أما البلدان التي تشتري الذهب، تطبع المزيد من العملة لهذه المهمة وقد تخاطر بارتفاع نسب التضخم لهذا السبب. لكنها إن أحسنت استخدام أوراق اللعبة في وقتها الصحيح فسيكون اكتناز الذهب بمثابة حاجز أمان متين لاقتصادها وعملتها في أوقات الأزمات، فالدول تتعامل مع الذهب بشكل شبيه لما يفعله أي تاجر عادي، تحاول الشراء عند الوفرة والرخص، وتبيعه عندما يعلو ثمنه وتزيد حاجتها إليها.

وهذا ينقلنا للنقطة الثانية، أن أحد فوائد الذهب الرئيسية عدا عن كونه تحوطاً من التضخم، أنه يمكن أن يكون درع أمام تدهور قيمة العملة للدولة التي تمتلكه. ونرى مثالاً على ذلك تركيا والهند اللتان تحاولان اللجوء إلى الذهب لإسناد عملتيهما على أرضية اقتصادية متينة.