انهيار ثم تدخل ثم انهيار آخر... الليرة اللبنانية لا تجد من ينقذها والتوقعات لا تبشر
قام مصرف لبنان المركزي مرةً جديدة بتخفيض سعر صرف الليرة اللبنانية بشكل كبير، من خلال تحديده سعر 70 ألف ليرة للدولار على منصة "صيرفة"، فالمنصة كانت قبل ساعات من إصدار القرار، تبيع الدولار على نطاق ضيق جدا بسعر 45 ألف ليرة.
ويحاول مركزي لبنان من خلال هذا الإجراء، امتصاص الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق، والتي وصل حجمها إلى 97 تريليون ليرة في نهاية عام 2022، والتي يؤكد معظم الخبراء أنها السبب الأساسي للانهيار الكبير للعملة الوطنية، حيث يتم استخدام هذه الكتلة الضخمة، في عمليات المضاربة وشراء الدولار من السوق السوداء.
ويعاني لبنان من مشكلة تعدد أسعار الصرف، فسعر الصرف الرسمي يبلغ اليوم 15 ألف ليرة، وسعر الدولار الجمركي 45 ألف ليرة، وسعر منصة صيرفة يبلغ 70 ألف ليرة، في حين يفوق سعر الدولار في السوق السوداء مستويات الـ 80 ألف ليرة حاليا.
إلى متى ستبقى الليرة اللبنانية في هذه المتاهة؟
الإجراء الذي قام به المصرف المركزي ليس بجديد، بل إنه سيناريو يتكرر في كل مرة تنهار فيها العملة اللبنانية إلى مستويات قياسية، إذ حصل قبل نهاية عام 2022 بأيام عند تسجيل الليرة مستوى 48 ألف ليرة لكل دولار، وهو ما اعتبر حينها انهيارا كبيرا للعملة، إلا أن المركزي اللبناني لم يتمكن من الصمود بقراره، معلنا التراجع عنه بعد أيام قليلة، بعد أن قام بضخ أكثر من مليار دولار، لم تثمر سوى تراجع محدود في سعر الصرف.
والخطير هذه المرة برأي الخبراء هو اعتراف البنك المركزي اللبناني، بأن الوضع بات خارج عن سيطرته، وأنه بات مضطرا أن يلحق بالسعر الذي تحدده السوق السوداء وليس العكس.
في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي "نيكولا شيخاني"، في حديثه لوكالة إعلام عربية شهيرة، إن رفع سعر شراء الدولار عبر منصة صيرفة من 45 ألف إلى 70 ألف ليرة، يعني أن المصرف المركزي لم يعد يضع في حساباته أي تراجع للسعر عن هذا المستوى، وأنه بات هناك أمر واقع بأن الليرة متدهورة لأكثر من مستوى 70 ألف.
ويرى أن منصة صيرفة استحدثها مصرف لبنان، لمحاولة ضبط سعر الصرف في السوق السوداء، إلا أن ما حصل الآن، أظهر أن المركزي لم يعد قادرا على ضبط الوضع، وأن المنصة باتت هي التي تلحق بالسوق السوداء.
وأشار إلى أن الناس ستقوم الآن بشراء الدولار من منصة "صيرفة" على سعر 70 ألفا، ليقوموا ببيعها في السوق السوداء على سعر 80 ألفا وتحقيق أرباح من فارق السعر، إذ أن هذا الإجراء يكبد مصرف لبنان، المزيد من الخسائر التي ستظهر عاجلا ام آجلا عند إجراء إعادة هيكلة للمصرف.
وشدد أيضًا على أن ما يحصل سيدفع ثمنه في النهاية الشعب اللبناني.
وأكد "شيخاني" ختامًا ضرورة استبدال التعاميم التكتيكية، باستراتيجية نقدية، وسياسة نقدية متساوية مع سياسة مالية وضرائبية، يقوم البنك المركزي والسلطة بوضعهما سويا لإعادة هيكلة الاقتصاد واستعادة الثقة به.
توقعات بانعكاسات سلبية:
يرى عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان "عدنان رمال" أن القرار الأخير لمصرف لبنان، سيؤخر ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء، مشيرا إلى أنه تدخل إيجابي ولكن بكلفة مرتفعة جدا، حيث تتوقف مدى فعاليته على مدى قدرة المركزي على الاستمرار في تنفيذه.
ويتابع "رمال" أنه "علينا أن ننتظر لنرى ما مدى قدرة المصرف على الصمود بقراره، ومدى قدرته على ضخ الدولارات في الأسواق"، مشككا باستدامة هذا القرار لفترة طويلة، ومتوقعا أن نعود لمشهد ارتفاع سعر الصرف في المستقبل، وتدخل مصرف لبنان للجمه.
ويكشف "رمال" أن ارتفاع سعر منصة "صيرفة" من 45 ألف إلى 70 ألف ليرة، هو إجراء ستكون له بعض الانعكاسات السلبية على المواطنين، خصوصا مع وجود العديد من فواتير الخدمات، التي يتم تسعيرها وفقا للسعر المعتمد على المنصة، مثل فواتير الهاتف الخلوي وبعض الرسوم الأخرى وهو ما سيؤثر ارتفاعا في الكلفة على معيشة المواطنين.