حمى اقتصاد روسيا من الانهيار وبعثر عقوبات أوروبا... قصة أسطول الظل
رغم كل العقوبات على روسيا جراء حربها مع أوكرانيا، لكن الكرملين يردد أن اقتصاد بلاده صامد ولم يتأثر، وقد أظهرت بعض الأرقام فعلاً عدم تأثر الاقتصاد الروسي بشكل كبير رغم المئات من العقوبات التي فرضت على موسكو وطالت كافة القطاعات.
ويؤكد الخبراء أن العقدة الأبرز في ملف العقوبات تجسدت بالنفط، إذ فرض الاتحاد الأوروبي سعراً محدداً على واردات النفط الخام الروسي المنقول بحرا، على الرغم من أن موسكو أكدت أنها لن تصدر النفط الخاضع لسقف سعري فرضه الغرب حتى لو اضطرت لخفض إنتاجها.
إلا أن ما فعلته موسكو كان مغايرا تماماً بحسب ما أكد عدة مراقبين في هذا المجال. فقد استعرت حركة السفن بالخفاء، وعمل "أسطول الظل" برمته من أجل نقل النفط الروسي عبر البحار.
ذلك لا سيما أن أهمية هذا الأسطول الذي يعمل بعيدا عن أعين الرادارات تنامت مع تجنب روسيا العمل مع الشاحنين الغربيين، من أجل نقل النفط إلى أوروبا، وتحولت وجهتها نحو الصين والهند.
وقد سجلت صادرات النفط الروسية إلى الصين والهند مستويات قياسية في يناير بعد أن دخل الحظر الأوروبي حيز التنفيذ، وفقًا لشركة Kpler للبيانات والتحليلات.
كما استمرت الصادرات بالتدفق إلى تركيا، وهي وجهة رئيسية أخرى، على قدم وساق. لذا بات يتطلب تسليم المشترين الجدد البعيدين سفناً وقوارب إضافية.
يشار إلى أنه في حين حظرت الدول الغربية معظم واردات النفط الروسية، لم توجد أي قواعد تمنع السفن الغربية من تسليمه لمشترين مثل الصين والهند، أو تقديم خدمات مثل التأمين - طالما يتم احترام سقف أسعار مجموعة السبع.
أسطول من 600 سفينة... من يديره؟
رجح بعض المطلعين على هذا الملف أن يكون حجم أسطول "الظل" هذا نحو 600 سفينة، أو حوالي 10% من العدد العالمي للناقلات الضخمة، مؤكدين أن الأرقام في ارتفاع دائم، بحسب ما نقلت شبكة "سي أن أن".
أما هوية من يمتلك ويدير تلك السفن فلا تزال لغزًا عصياً على الحل، نظرًا لأن تجارة النفط أصبحت أكثر تعقيدًا خلال العام الماضي، بعدما أوقف العديد من وكلاء الشحن الغربيين خدماتهم، فانقض لاعبون جدد مغمورون على الساحة، وسط تورط شركات وهمية.
إذ اشترى بعض هؤلاء قوارب من أوروبيين، بينما قام البعض الآخر باستغلال السفن القديمة التي كانت منسية ربما في ساحات الخردة.
وقال مسؤول تنفيذي كبير في شركة لتجارة النفط لشبكة CNN: "لقد تعمق هؤلاء في فن التهريب الغامض"، في إشارة إلى تلك الشبكة المبهمة.
السفن الرمادية والسفن المظلمة:
صنف "ماثيو رايت"، كبير محللي الشحن في Kpler ، القوارب التي تنقل الخام الروسي إلى فئتين: "السفن الرمادية" و"السفن المظلمة أو السوداء".
فالسفن الرمادية هي تلك التي بيعت منذ 24 فبراير/ شباط الماضي 2022 مع انطلاق العملية العسكرية الروسية، من قبل مالكيها في أوروبا لشركات في أخرى سواء في الشرق الأوسط وآسيا لم تكن نشطة سابقًا في سوق الناقلات.
أما السفن السوداء فهي سفن لها خبرة سابقة بتهريب أو نقل النفط مع إيران وفنزويلا لتجنب العقوبات الغربية.
وبحسب "رايت" يمكن تحديد تلك السفن السوداء، عبر العثور على أدلة تثبت أنها أخفت في السابق مثلا أنشطتها عن طريق إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال AIS الخاص بها"، في إشارة إلى التكنولوجيا التي تساعد في تحديد مواقع السفن.