تسعير السلع الغذائية بالدولار في متاجر لبنان... موجز كل ما سترغب بمعرفته
يفترض أن يبدأ التسعير بالدولار في متاجر لبنان بالأول من شهر آذار، أي يوم الأربعاء المقبل، بعد إنجاز معظم المحال الكبيرة ترتيباتها وأبرزها وضع شاشات تحدد سعر الصرف بشكل دائم طوال ساعات اليوم
هذا الموضوع وغيره مثل عدم تطبيق قانون المنافسة، وعدم إمكانية ضبط التجار المخالفين وأصحاب المولّدات والحلول المقترحة، عرضتها جريدة "نداء الوطن" على مدير عام مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد "محمد أبو حيدر" في لقاء حديث، نستعرض عليكم فيما يلي أهم نقاطه:
لماذا تمّ تأجيل السير بقرار التسعير بالدولار، وهل السبب يعود إلى تعويل أصحاب السوبرماركات على الطعن المزمع تقديمه من جهة متضررة؟
تمّ تأجيل سير العمل بالتسعير بالدولار بناء على طلب نقيب أصحاب السوبرماركات بسبب عدم جهوزية نظام المحاسبة لديهم. وبالنسبة إلى إمكانية الطعن، لم تطلق بعد آلية التسعير بالدولار رسمياً للطعن بها. وسنصدرها في قرار خاص في بداية شهر آذار، ليبدأ بعدها مراقبو مديرية حماية المستهلك جولاتهم على أساسها.
ما هي السلع التي سيشملها التسعير بالدولار وتلك التي ستستثنى؟
السلع الغذائية ستشملها التسعيرة بالدولار ما عدا الخضار الفاكهة والتبغ. أما آلية التسعير واستيفاء الفواتير فسيتمّان بالعملة المحلية، ضمنها الضريبة على القيمة المضافة المفترض أن تكون واضحة بالقرار.
كيف ستحتسب الضريبة على القيمة المضافة؟
بعد مراجعة وزارة المال، فإن استيفاء الضريبة على القيمة المضافة سيتمّ بالليرة وضمن سعر السلعة، وستستوفيها وزارة المال وفق سعر صرف السوق السوداء. علماً أن وزارة الاقتصاد منعت إصدار الفاتورة بالدولار، وإنما بالليرة على أن تحتسب على الدولار وفق تسعيرة سعر الصرف المتداولة عند الدفع على الصندوق والمعلنة في السوبرماركت.
إصدار الفاتورة بالعملة الوطنية أمر ملزم ويمكن إضافة ما يعادلها بالدولار، وهي الطريقة الفضلى. تبقى الخطورة في إصدار الفاتورة بالدولار فقط من دون ذكر القيمة بالليرة، لأنها تتضمن بعض اللّبس فيما يتعلق بالـضريبة على القيمة المضافة أو الـ TVA. من هنا سواء تمّ تسديد فاتورة السوبرماركت بالدولار أو بالليرة، تحتسب الضريبة على القيمة المضافة بالليرة. فالوزارة ليست من هواة الدولرة وهذا الحلّ موقت وليس جذرياً. فالحلّ الأخير يأتي من خلال إعادة الثقة بالاقتصاد، تحفيز النمو وتنفيذ الإصلاحات.
ما هي تداعيات التسعير بالدولار في السوبرماركت؟
ستسهّل آلية التسعير بالدولار مهمّة ضبط التلاعب بالأسعار من المستورد إلى المتجر، فليس صاحب السوبرماركت هو الوحيد الذي يسعّر وفق سعر صرف أعلى من ذلك المتداول في السوق السوداء بنسبة 15%، وإنما المستورد يحتسب الدولار على سعر أعلى من السوق السوداء بنسبة 10% وذلك عدا الربح.
من هنا، فإن التسعير بالدولار سيخفّض الأسعار بنسبة 15%، وستستقرّ أسعار السلع ولو أسعار الصرف غير مستقرّة، وستُضبط الرقابة أكثر على الأسعار.
ألا يمكن التلاعب بتسعيرة الدولار؟
بما أن مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ستلاحق فواتير الاستيراد بالدولار، ستتمكن من معرفة مدى التزام أصحاب المحال والسوبرماركات بهامش الربح الذي يبلغ على سبيل المثال نسبة 17 أو 18 % كحدّ أقصى للمواد التي تتضمن هدراً كالخضار. فنتبع في آلية الرقابة سلسلة الإمداد supply chain، أي السعر المسلّم من المستورد وصولاً إلى صاحب المتجر ونقارنه مع سعر المبيع، فيسهّل احتساب النسبة.
وفق آلية التسعير بالدولار للمواد الغذائية، لا نعتمد الدولرة الكاملة، وإنما يتمّ استخدام الدولار كمعيار للتسعير على أن يكون للمستهلك الخيار بالتسديد بالدولار أو بالليرة. فلو كان التسديد بالدولار أمراً ملزماً لكانت المصيبة كبيرة لأن من شأن ذلك زيادة الطلب على الدولار في السوق، وبالتالي تهوي العملة الوطنية بنسبة أكبر.
لماذا أزالت سوبرماركات الأسبوع الماضي التسعيرات عن كل السلع؟
لأنه كان من المرتقب ان يصدر قرار التسعير بالدولار يوم الأربعاء الماضي. علماً أن نزع ملصقات الأسعار يعتبر مخالفة، فسطّرنا محاضر ضبط بحق السوبرماركات التي رفعت التسعيرات، فعمدت بعدها إلى إعادة التسعير بالليرة ولكن وفق سعر أعلى مواكبة لارتفاع سعر الصرف.
ضبط الرقابة على الأسعار يعتبر أسهل بكثير من التسعير على الليرة اللبنانية بالنسبة للمواطن أيضاً. حتى أن بعض المستوردين الذين كانوا يسعّرون بالليرة كانوا يحتسبون سعر صرف الدولار أعلى من ذلك المتداول في السوق السوداء.
فالربح المحقّق كان من الفريقين المستورد وصاحب السوبرماركت في سعر صرف الدولار الذي ينعكس من الفريقين زيادة بنسبة نحو 25% عن سعر الصرف المتداول عدا الربح. فهامش المخالفات بالدولار ضعيف. من تجاربنا مع التجّار، المخالفات التي يقومون بها حدّث بلا حرج.
ألم يكن باستطاعة وزارة الاقتصاد الحدّ من استنزاف الدعم وقمع تهريب السلع المدعومة إلى الخارج؟
كان يجب أن تتوجّه خطّة الدعم التي قامت بها الحكومة للمواطنين منذ بداية الطريق بدلاً من هدر الأموال على السلع والفيول للكهرباء... وذلك من خلال إقرار البطاقة التمويلية. ولو حصل هذا الأمر لكنا خفّفنا من استنزاف الاحتياطي في بداية الأزمة. إلى ذلك وبما أنه ليس لدينا ترف الوقت، لو تمّ السير بالإصلاحات التي تبحث وتقرّ اليوم منذ بدء الأزمة لكان وضعنا اليوم أفضل بكثير، ولما كانت أهدرت الأموال الطائلة على الدعم.
قرار الدعم خاطئ، حتى الحكومة حين أقرّته أعلنت أنه موقت لحين إنجاز البطاقة التمويلية، إلا أنه دام طويلاً. فأيّ دعم لا يكون موجّهاً إلى المواطن يكون في مكان ما من الصعب ضبطه أكان لناحية الاحتكار أو التهريب أو التخزين أو سوء الاستعمال.
أنا من الأشخاص الذين طالبوا برفع الدعم وذلك موثّق في محاضر عدة أصدرناها سواء في مصرف لبنان أو حتى مع الدولة، إلا انه حصل انفجار 4 آب ولم يعد يتجرأ أي وزير على تجرّع كأس رفع الدعم.
شركات كثيرة استفادت من الدعم ويبلغ عددها نحو 50 أو 60 شركة، قدّمت طلبات وفق الأصول وكانت مطابقة للمواصفات وهي منشورة على موقع وزارة الاقتصاد الإلكتروني.
لماذا لم يطبق بعد قانون المنافسة الذي أقرّ في شباط 2022؟
وحدها المنافسة تصحّح الأسعار، فاعتماد سياسة البوليس والحرامي لا تنفع. ولكن قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية أعطي وقت صدوره مهلة عامين، ولكن للأسف لم تشكّل حتى اليوم هيئة المنافسة من خلال تعيينات تتمّ في مجلس الوزراء، للبتّ بالاحتكارات.
وعندما يطبق القانون تنظر هيئة المنافسة التي تكون مستقلة في قضايا الاحتكار وتتكون من قاض وعضو من نقابة المحامين وآخر من اتحاد الغرف، ومفوّض حكومة، عندها نكون وضعنا الخطّة الصحيحة لحماية المستهلك. لأن المنافسة كفيلة بتصحيح الأسعار بالسوق ومنع الاحتكارات خصوصاً عند بعض الكارتيلات الكبيرة.