الصناعات الخفيفة... قطاع جديد يبرز ويجذب رؤوس الأموال في شمال شرقي سوريا
شهدت المنشآت الصناعية في شمال شرق سورية انتعاشًا لافتًا، مستفيدة من الاستقرار النسبي الذي تعيشه المنطقة، فقد توجّه غالبية المستثمرين، خاصة في محافظة الحسكة، نحو الصناعات الخفيفة، ولا سيما المنتجات التي يسهل تسويقها وبيعها في الأسواق المحلية وتلقى رواجا محليا وتتوفر المواد الأولية والخام اللازمة لصناعتها، بخبرات وكوادر بشرية محلية.
الأفضل من بين مجموعة من الخيارات السيئة:
قد لا تعد مناطق شمال شرقي سوريا مكانًا مثاليًا للاستثمار والصناعة، لكنها الأفضل من بين مجموعة خيارات سيئة، كما يرى البعض.
يمتلك "مسعود حسن"، معمل "العزيز" للبلاستيك ويصنع خراطيم زراعية تستخدم في الري، في محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، ويعمل في هذا القطاع منذ نحو عشر سنوات.
وفي حديث مع صحيفة "العربي الجديد"، بيّن أن الآونة الأخيرة "شهدت ظهور العديد من المعامل في المنطقة"، غير أن "حسن" يؤكد أن أصحاب المعامل "يواجهون مشاكل في تأمين المحروقات"، مضيفا: كمية المحروقات المخصصة لنا أصبحت قليلة.
وتابع: "كنا نحصل على المحروقات بسعر 410 ليرات سورية لليتر الواحد من الإدارة الذاتية، لكن الآن لم نعد نحصل على ما يكفينا من المحروقات، فنضطر لشراء المحروقات من السوق السوداء بأسعار عالية، وهو ما يرفع من التكلفة، ويقلل من ساعات العمل لتوفير المحروقات... وهكذا فكنا نعمل سابقا 24 ساعة متواصلة، لكن الآن نعمل تقريبا 5 أو 6 ساعات فقط يوميا".
ويلفت إلى أن اللجوء إلى خيار العمل بساعات قليلة في اليوم يدفع أصحاب المعامل إلى تسريح عدد من العمال، وهو ما ينعكس سلبا على هؤلاء العمال وعائلاتهم في وقت تندر فيه فرص العمل المستدام.
توسع في الخريطة الصناعية للمنطقة:
شهدت منطقة شرقي نهر الفرات في السنوات والأشهر الأخيرة، توسعا كبيرا في الخريطة الصناعية وتوزعت المنشآت الصناعية، في مختلف المدن والأرياف في شمال شرق سورية، ومنها معامل الحلويات والجبن ومواد البناء كالرخام والبلوك.
ووفق مصادر في مديرية الصناعة التابعة لـ "الإدارة الذاتية"، بلغ عدد معامل الألبان والأجبان 10 معامل في مدينة القامشلي وحدها ونحو 80 معملا مخصصا لصناعة البلوك والرخام، ومعامل لصناعة المحارم والبلاستيك والمياه والمشروبات الغازية، فضلا عن معامل للمواد الغذائية كالطحينة والحلاوة والمنظفات، وأخرى لصناعة الزيوت في الحسكة ومحالج للقطن وصناعة النسيج.
إلى ذلك، يؤكد الرئيس المشترك في مديرية الصناعة التابعة لـ "الإدارة الذاتية" في الحسكة، "حسين محمد"، أن الإدارة "تدعم القطاع الصناعي في المحافظة"، مضيفا: "نحن كمديرية الصناعة في الحسكة نقوم بالكشف على المعامل والمنشآت الصناعية وأخذ بياناتها ونتابع عملها بشكل يومي ونقف على احتياجاتها والصعوبات التي تعيق هذه المعامل، ونقوم بدعم هذه المعامل حسب الإمكانيات المتوفرة لدينا".
وأضاف في حديثه لـ "العربي الجديد": "نقدم مادة المازوت بسعر التكلفة، ويتم تحديد مخصصات كل معمل بناء على ساعات العمل في اليوم وحسب الإنتاج اليومي".
وأشار إلى أن المعامل في محافظة الحسكة كانت "قليلة جدا وتقتصر على معامل البلوك والحلويات"، مضيفًا أنه تم الآن "فتح المجال أمام رجال الأعمال ليقوموا بإنشاء معامل ومنشآت صناعية لدعم المنطقة باحتياجاتها من المواد، مثل معامل المربيات ومعامل الألبان والجبن ومعامل صهر حديد وصناعات بلاستيكية بشكل عام".
وفي السياق، ذكرت "نورا إبراهيم"، وهي مسؤولة في مكتب الصناعة بهيئة الاقتصاد التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، أن "عدد الرخص الصناعية الممنوحة للمعامل على مستوى شمال وشرق سورية هو 1446 رخصة".
واعتبرت أن هذا الأمر يسهم في رفد الاقتصاد المحلي، والحد من البطالة، وتأمين سلع محلية الصنع. مؤكدةً أنه في منطقة المعبدة (كركي لكي) في ريف الحسكة، أكثر من 35 معملاً، وورش صناعية في مختلف الصناعات مثل "الألمنيوم والرخام والحجر والبلوك والغربال والحديد والجليد والسراميك وورشات الخياطة"، إضافة إلى معامل صغيرة لصناعة أنواع من المواد الغذائية.