لماذا ترتفع الأسعار في سوريا رغم وصول شاحنات المساعدات وملايين الدولارات؟
تشهد سوريا ارتفاعًا مستمرًا بالأسعار، وتدهورًا متواصلًا في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، رغم اجتماع العوامل الإيجابية التي يجب أن تنفي حدوث ذلك، فالعقوبات مجمدة، والمساعدات الغذائية تصل بالأطنان، والعملة الصعبة تتدفق أيضًا؛ وهذا يعود بطبيعة الحال للفوضى وسوء الإدارة والفساد في البلاد وأجهزة الدولة.
قضية المصرف المركزي السوري وتمويل المستوردات:
أكد "محمد الحلاق"، عضو مجلس الإدارة في غرفة التجارة، أن ارتفاع الأسعار يعود لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها الإشكال حول قدرة المصرف المركزي على تمويل المستوردات.
ويشرح "الحلاق" قائلًا: "سعر الصرف الذي وضعه المركزي لتمويل المستوردات والمتمثل بـ 6950 ليرة يُضاف إليه 4% أجور التمويل للمصدّرين، أدى لإيصال دولار التمويل إلى 7230 ليرة، وبالتالي ساهم في ارتفاع الأسعار، تزامن ذلك مع ضعف المخزون من جميع أنواع البضائع في سورية".
ويلفت إلى أن المخازين يجب أن تكون أكبر مما هي عليه اليوم، لكن تأخر التمويل السابق أثر على الإمدادات المستمرة للبضائع، ناهيك عن أن ضعف التنافسية يساهم في ارتفاع الأسعار في حين أن زيادتها تساهم في خفض الأسعار.
ثم أشاد بدور التّجار والصناعيين وتكاتف الجهود خلال كارثة الزلزال، مستنكراً إلقاء اللوم عليهم مع أي ارتفاع يحصل وجعلهم شمّاعة لتعليق كوارث الأسعار عليها.
ولم ينفِ "الحلاق" تأثير قرار تجميد العقوبات إيجاباً من ناحية توريد المحروقات وإعطاء المصدّرين منعكساً إيجابياً، وخاصة في موضوع السلع الغذائية التي كنا نعاني في استيرادها رغم عدم شمولها بالعقوبات.
وتحدث عن أهمية موضوع الثقة بين قطاع الأعمال والمصدّرين، والذي تسبب بإشكالية في فترة معيّنة، الأمر الذي يتطلب ترميم هذه الثقة وإعطاء قطاع الأعمال دوره في التنمية.
أما فيما يتعلق بالشرط المطلوب لانخفاض سعر الصرف، فقد لفت "الحلاق" إلى جملة من الأمور التي تساهم بذلك، وأهمها توفر الدولار دون جهد، كاستخراج النفط مثلاً، مما يعزّز من توفر القطع الصعب وزيادة معدل السياحة، كذلك يعزّز من توفره.
واستدرك مضيفًا: "لكن ما يحصل للأسف هو أن الحكومة تعمل عكس ذلك، ما يدفع الكثير من الصناعيين والتّجار لإلغاء سجلاتهم التجارية بدلاً من العمل على زيادة هذه السجلات".
عامل الفوضى وسوء الإدارة في الأسواق والاقتصاد:
اعتبر "الحلاق" أن القرارات اليوم غير متناغمة ومتجانسة ويلزمها إعادة توليف من جديد، وأن الأسواق -حسب قوله- بحاجة ماسة إلى عامل استقرار بالقرارات والتشريعات، بحيث يجب ألا تكون كردّة فعل، وإنما فعل مبنيّ من أرض الواقع.
وأشار إلى أن الأسواق ما تزال ضائعة بين عاملي التسعير المركزي وتحرير الأسعار، وتدور في دوامة عدم وجود خط واضح يتمّ السير عليه، سواء للعمل التجاري أو الصناعي.
وأوضح أن النشرات السعرية الصادرة عن التجارة الداخلية هي السائدة والمتحكمة بالأسواق، في وقت يجمع قطاع الأعمال على أن هذه التسعيرة لا تزال ترفع الأسعار وتخلق عوائق أمام الجميع، حتى صارت منتجاتنا أغلى من منتجات دول الجوار.
وتساءل "الحلاق": "لماذا لا توجد قرارات قابلة للتطبيق وسهلة للعمل، فكيف يطلبون بيان كلفة ودوائر التسعير لا تزال قائمة، ولاسيما أن نظام التسعير يدخل في كلّ مراحل العملية الإنتاجية حتى أصبح التاجر لا يعرف كم رأس ماله نتيجة التخبّط الحاصل بسعر الصرف، فكلّ يوم سعر جديد، والبضائع باتت كلفتها ترتفع تباعاً، لأن التاجر الذي سيبيع من الصعب عليه أن يشتري منتجاته كما كان في السابق، إضافة إلى أن التاجر لم يعد يعرف كم هي كلفته الضريبية من المالية، فكلّ شيء غامض".
وأكد ختامًا أن هذا التخبط يجعل التاجر يتحوط بمنتجاته وماله خوفاً من التقلبات اليومية بسعر الصرف، وهذا ما يكون تأثيره بالنهاية على المستهلك بدون أدنى شك.