تحلية المياه بالطاقة الشمسية... تقنية قد تعيد الحياة لصحراء العرب

ينظر الخبراء إلى تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، ولا سيما باستعمال تقنية التناضح العكسي، على أنها حلّ واعد لمشكلة ندرة المياه في المنطقة العربية التي تُعدّ الأكثر جفافًا في العالم.

وفي أحدث المستجدات حول هذا الموضوع، طرح تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة "كونراد أديناور شتيفتونغ"، موضوع تحلية المياه، كخيارٍ حتمي لمواجهة فقر المياه في بعض الدول العربية.

واستعرض التقرير الذي جاء تحت عنوان "التحلية بديلًا لاحتواء أزمة ندرة المياه ومواجهة التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" اتجاه عدد من الدول العربية خلال العقود الـ4 الماضية إلى تحلية مياه البحر، وإن اقتصر هذا الخيار على بعض الدول الأقوى اقتصاديًا؛ نظرًا لارتفاع تكلفته، مثل قطر والكويت والسعودية والإمارات وعمان.

تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة... دول الخليج تفعلها!

يبيّن التقرير أن دول الخليج العربي قد حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، من خلال استعمال التقنيات الحديثة التي تعتمد على الطاقة المتجددة.

وسلّط التقرير الضوء على توجّه بعض الدول العربية إلى تقنية تحلية المياه تحت ضغط الحاجة، مثل قطاع غزة الذي يحصل 14% من سكانه على المياه بفضل مشروع كبير للتحلية ممول من الاتحاد الأوروبي واليونيسيف.

كما تزوّد محطات تحلية المياه نحو 17% من الجزائريين بالمياه المُحلاة، وسط توجّه للتوسع في المشروعات وزيادة الإنتاج خلال الأعوام المقبلة.

ويُبرز التقرير أن التحدي الأكبر الذي يواجه التوسع في هذه المشروعات هو ارتفاع التكلفة التي تساوي نحو 3 أضعاف الحصول على المياه الجوفية وتنقيتها، مقترحًا استبدال مصادر الطاقة النظيفة بالوقود الأحفوري لتشغيل محطات التحلية وتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة.

تحلية المياه بتقنية التناضح العكسي:

شرح العضو المنتدب لشركة أكوا باور في مصر المهندس "حسن أمين"، أن شركته تعتمد في مشروعات تحلية المياه على تقنية التناضح العكسي، لافتًا إلى أنها التقنية الأكثر جدوى اقتصادية، والتي تعمل بها معظم دول العالم.

وتُعدّ "أكوا باور" من الشركات الرائدة في مجال تحلية المياه، ولديها مشروعات في 12 دولة بمناطق الشرق الأوسط وشمال وجنوب أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وكشف المهندس أن مصر تعمل حاليًا على وضع خطة للتوسع في مشروعات تحلية المياه بالطاقة الشمسية بإنتاج يبلغ نحو 3 مليون متر مكعب يوميًا خلال الـ3 أعوام الأولى، على أن ترتفع إلى 8 ملايين متر مكعب يوميًا على مدار الأعوام الـ5 التالية.

وحول الخطوات التي تمّت على الأرض، أشار "أمين" إلى أن وزارة الإسكان بالتعاون مع صندوق مصر السيادي قد طرحت مستندات لإقامة عدد من محطات التحلية، بحيث تتأهل الشركات لفئات معينة من المحطات، على أن تتقدم كل شركة بخبراتها السابقة في هذا المجال لاختيار الأنسب لكل فئة.

ولفت إلى أن هناك محطات تحلية بقدرة إنتاجية تصل إلى مليون متر مكعب يوميًا، وهناك محطات تقتصر على 500 متر مكعب يوميًا.

وأفاد أن أكثر ما يميز هذه المشروعات اعتمادها بصورة كاملة على الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أن الكهرباء تمثّل نسبة كبيرة من سعر المياه المُحلاة؛ نظرًا لأن عملية التحلية تتطلب قدرًا كبيرًا من الكهرباء.

ورأى العضو المنتدب لشركة أكوا باور في مصر أن الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية يرفع من سعر عملية التحلية، بخلاف مصادر الطاقة المتجددة -من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- المتوافرة في مصر بصورة كبيرة.

وأكد المهندس "حسن أمين" أن "أكوا باور" قد قدّمت أوراقها في عملية تأهيل الشركات، ووقّعت -بالفعل- مذكرة تفاهم قبل التأهيل، وما تزال تنتظر الردّ من الحكومة.

من جانبه، أكد المدير العام للوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والعضو في شبكة البرلمانيين للمناخ وًالبيئة في الجزائر، المهندس "درويش نجيب"، أن عددًا من دول الخليج قد اتجه إلى تحلية المياه بالطاقة الشمسية.

وقال المهندس "درويش نجيب"، إنه مع الانخفاض المستمر في تكلفة تقنية الطاقة الشمسية، بدأت مدينتا دبي وأبو ظبي الاستثمار في محطات تحلية المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية بتقنية التناضح العكسي.

وأضاف أن دبي أعلنت في فبراير/شباط الماضي خطة لاستعمال الخلايا الكهروضوئية لتشغيل محطات تحلية المياه بالتناضح العكسي لإنتاج 305 ملايين غالون يوميًا من مياه الشرب بحلول عام 2030.

هل التناضح العكسي هي أفضل تقنية للتحلية فعلًا؟

أوضح "نجيب" أنه رغم انتشار تقنية التناضح العكسي في الخليج العربي، فإنه ما تزال هناك تساؤلات حول أنسب تقنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية.

وبيّن المدير العام للوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الجزائر أن الدول العربية تتمتع بواحدة من أعلى مستويات الإشعاع الشمسي في العالم.

ولفت إلى أن التكلفة المعيارية للكهرباء (إل سي أو إي) من مشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المنطقة العربية منخفضة.

وأشار "نجيب" إلى أن متوسط التكلفة المعيارية للكهرباء (إل سي أو إي) من الطاقة الشمسية الكهروضوئية في جميع أنحاء العالم قد بلغ نحو 0.12 دولارًا/كيلوواط ساعة في عام 2016.

وأفاد أن متوسط التكلفة المعيارية للكهرباء (إل سي أو إي) يحسب مقياسًا لمتوسط ​​صافي التكلفة الحالية لتوليد الكهرباء للمحطة على مدار عمرها، ويعتمد على حسابات القيمة الحالية للتكلفة الإجمالية لبناء وتشغيل وحدة التوليد طوال عمرها الافتراضي، وفقًا لتعريف وزارة الطاقة الأميركية.

تحلية المياه بالطاقة المتجددة... لنتحدث عن التكاليف والجدوى:

أوضح المهندس "درويش نجيب" أن التكلفة الاقتصادية لمصادر الطاقة المتجددة قد انخفضت 4 أضعاف خلال العقد الماضي، ولا سيما الطاقة الشمسية التي تناقصت تكلفتها بنسبة تبلغ نحو 94%.

وأكد أن الطاقة الشمسية أصبحت -الآن- تنافس الوقود الأحفوري بقوة في بعض محطات تحلية المياه، وهي أنسب بصورة خاصة للاستعمال في المناطق النائية البعيدة عن شبكة الكهرباء.

من جانبه، أوضح المدير العام للوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الجزائر أن تحلية المياه بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة سوف تخدم المجتمعات الريفية في المقام الأول، ليس فقط من أجل توفير فرص عمل جديدة، ولكن لتحسين حياة السكان أيضًا.

ولفت إلى أنه مع تطبيق ضريبة الكربون في المستقبل القريب، ستزداد الجدوى الاقتصادية لهذه المشروعات.

وأشار إلى أن مشروعات تحلية المياه بالطاقة الشمسية يمكنها أن تؤدّي دورًا كبيرًا في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، وتوفير فرص عمل خضراء.