مباني حديثة انهارت كالورق... فضائح ما بعد الزلزال وغضب عارم على المقاولين بتركيا
تم إيقاف نحو 12 مقاولا في تركيا على زمة التحقيق، بعد انهيار آلاف المباني جنوب شرق البلاد جراء زلزال الإثنين، على ما ذكرت وسائل الاعلام المحلية مؤخرًا.
ويثير انهيار المباني التي شيدت بطريقة رديئة، مما لم يترك فرصة لسكانها للنجاة، غضبا في البلاد حيث قتل أكثر من 25 ألف شخص. فبعدما أنفق الناس مدخراتهم على شراء شقق سكنية وتأثيثها لجعلها مكانا مريحا للسكن، باتت تلك الشقق أكواما من الركام في أعقاب الزلزال المدمر.
وقد انهارت أجزاء من أبنية حديثة وقديمة، شُيد بعضها قبل ستة أشهر فقط، فيما سويت مبان أخرى بالأرض. إذ يقول المسؤولون إن 12,141 مبنى دمر أو تضرر بشدة في تركيا.
على أي حال، ونظرًا لقوة الزلزال، كان متوقعا تسجيل أضرار، لكن ليس كالأضرار التي نشاهدها الآن، بحسب "مصطفى إرديك" الأستاذ في جامعة بوغازيتشي.
وحتى إن انهار مبنى ما، يمكن للناس عادة الاختباء حتى تتمكن فرق البحث من إنقاذهم، لكن هذه المرة تساقطت طبقات أبنية فوق بعضها البعض مثل الصفائح، كما قال.
وقال "إرديك"، وهو أيضا من الصندوق التركي لمواجهة الزلازل إن أرضيات الشقق تتكدس فوق بعضها البعض.
كارثة الزلزال في تركيا... أبنية سيئة وكأنها من ورق:
تعود الأسباب عادة إلى النوعية الرديئة للأسمنت الذي يمزج مع كثير من الماء والحصى وقليل جدا من الإسمنت، وفق "زيني تكين" المستشار في جامعة إسطنبول التقنية.
وتعود أسباب أخرى الى نوعية القضبان الحديد التي قد تكون رفيعة جدا بحيث لا تتمكن من دعم الأعمدة، ما يحد من قوة البناء، بحسب المهندس.
لكن "تكين" يلقي باللوم أيضا على تدني مستوى تعليم المهندسين المدنيين والمهندسين المعماريين، رغم ظهور جامعات خاصة في أنحاء تركيا. علاوة على مغامرة المسؤولون الأتراك بتخفيف القوانين.
يذكر أن قواعد البناء التركية القائمة على قواعد كاليفورنيا، تتم مراجعتها بشكل دوري منذ زلزال 1999 في شمال غرب تركيا. وأجريت آخر مراجعة في 2018.
وقال "أيكوت كوكسال" المهندس المعماري في إسطنبول: "على الورق تُحترم المعايير، مع عقود تمنح لشركات خاصة تكلف التحقق منها".
لكن الإشراف على تلك الاتفاقات متساهل، وفق "كوكسال"، ما يمنح البنائين مساحة أكبر لتطبيق القواعد أو عدم تطبيقها.
هل يحاسب المقصرون كما ينبغي؟
قد تحد الإجراءات البيروقراطية من تحميل المسؤولية إلى جهة ما إذا حصل خطأ، وعدد الخطوات والموقعين كبير إلى درجة يجعل من الصعب تحديد المسؤول في نهاية الأمر.
وكحل لهذه المشكلة اقترح "كوكسال" فرض تأمين على جميع أصحاب الشأن ضد الممارسات الخاطئة، تضمن دفع تعويضات للمتضررين من جانب المقاولين المذنبين. وأضاف: "هذا ما يطبق في أماكن أخرى من العالم وينبغي أن يطبق في تركيا".
وأثار الإهمال والطمع الواضحان لبعض المقاولين غضبا وخصوصا بعد انهيار شقق سكنية فخمة بنيت في السنوات العشرين الماضية مثل أوراق اللعب.
ويأمل كثيرون أن تدفع الكارثة نحو رقابة أفضل. إذ قُدمت أول شكوى قانونية الجمعة في محافظة ديار بكر الواقعة جنوب شرق البلاد، تبعتها شكاوى أخرى.