قرار المركزي السوري برفع دولار الحوالات... دلالات خفية وقراءة لما بين السطور

يعتبر البعض أن القرار 144 الصادر عن "مصرف سوريا المركزي"، هو بمثابة تصالح مع الواقع واعتراف بسعر الصرف في السوق السوداء، ذلك أنه يقلص الفجوة بين السعر الرسمي ونظيره في السوق الموازية.

ويصب هذا القرار ضمن خطة تسريع سياسة التحرر الاقتصادي الفج البادئة بتحرير الأسعار سابقًا، والذي بمقدار ما يفيد الصناعيين والتجار؛ فإنه سيزيد من تكاليف المعيشة على المواطن العادي.

ويسمح القرار الجديد للمصارف وشركات الصرافة باستلام الحوالات الخارجية الواردة وتصريف المبالغ النقدية وفق سعر صرف قريب للسعر المتداول. حيث سعّرت نشرة "الحوالات والصرافة" الصادرة عن المركزي سعر شراء دولار الحوالات الشخصية الخارجية بـ 6650 ليرة سورية بدلاً من السعر القديم 4500 ليرة.

واللافت هنا أن صدور القرار تزامن هذه المرة مع انتشار شائعة توقف الحوالات الخارجية، حيث صدرت بيانات رسمية بنفيها، ما يعني محاولة استقطاب الحوالات وطمأنة المحولين بوجود قنوات رسمية لا يزال بإمكانها تزويد المواطنين بحوالاتهم وفقاً لقيمتها الحقيقية.

هل هو تعويم لأسعار الصرف في سوريا:

حتى الآن الجواب هو لا، فلا يبدو أن القرار يحرر أسعار الصرف ويجعلها خاضعة للعرض والطلب بقدر ما  يحاول تقييدها وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي ونظيره في السوق السوداء.

في هذا الصدد، يقول الباحث الاقتصادي "يونس الكريم"، كما نقلت عنه جريدة "المدن"، إن الحكومة تحاول توجيه الحوالات المالية باتجاه القنوات الرسمية، ما يعني توقع المزيد من التشديد حول حيازة الدولار خارج المنظومة الرسمية، كما أنه اعتراف بفشل الحكومة في وقف نزيف الليرة وإقرارها بارتفاع الأسعار.

على الضفة الأخرى، يمكن قراءة القرار 144 بأنه توجه نحو التعويم كحل وحيد بسبب الأزمات المالية الهائلة التي تعاني منها الحكومة السورية ومن بينها العجز التراكمي للموازنة العامة، وهو بمثابة تخلي الحكومة عن التزاماتها تجاه المواطنين مثل دعم المحروقات والخبز فتصبح الأسعار مطابقة لسعر السوق العالمي بحسب حديث الباحث الاقتصادي "رضوان الدبس" لـ "المدن".

ويضيف "الدبس" أن العقوبات الغربية وانشغال داعمي الحكومة بمشكلاتهم الداخلية يجعل الأزمة الاقتصادية أكثر حدة، ويمكن ملاحظة حجم الأزمة من خلال مراقبة العجز التراكمي في الموازنة العامة الذي يتجاوز الـ 60 في المئة.

هل سيوقف قرار المركزي السوري نزيف الليرة؟

يرى الباحث "الكريم" أن القرار لن يقود إلى استقرار أسعار الصرف لأنه ما يزال هناك طلب على الدولار من مصادر مختلفة، بالرغم من أنه يؤدي إلى مزيد من الاستحواذ على القطع الأجنبي والتحكم بسوق الصرف، ويأتي ضمن الخطوات الأخيرة التي اتخذها المصرف المركزي لدعم مجموعة من الصناعيين للاستفراد بالسوق والاستحواذ عليه.

في المقابل، يضعف القرار شركات الصرافة غير الرسمية، والتسعيرة الجديدة سوف تنشّط تدفق الحوالات الخارجية نحو الشركات المرخصة وحدوث شيء من التنافس بين قنوات الصرافة الرسمية وغير الرسمية.

ويمكن ربط القرار مع قرار سابق يسمح للمصارف بشراء القطع الأجنبي من الأفراد بالسعر المتداول، مع تعميم متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية التي يتم تحريرها من المنتجين المستوردين وتجار الجملة، وبالتالي جعلها أمراً مقبولاً للمستهلك نظراً لمطابقتها لسعر الصرف الجديد.