مركزي لبنان يختار الأسلوب البوليسي للتعامل مع أزمة أسعار الصرف... ردود فعل غاضبة
في اجتماع المجلس المركزي اللبناني الذي عُقد أمس، لم يعرض الحاكم "رياض سلامة"، سوى أنه غير قادر على التدخّل إلا بعد "تنظيف" السوق من الصرافين غير الشرعيين ومن مجموعات الـ "واتساب" التي يتّهمها بأنها تضارب على الليرة وترفع سعر الدولار. وهو ما اعتبره البعض تلويحًا بحلول أمنية من وجهة نظر بوليسية لا اقتصادية.
في هذا الصدد، تقول مصادر مطلعة نقلت عنها جريدة "الأخبار" اللبنانية، إن ما عُرض أمس في المجلس المركزي، لم يكن ذا أهمية استثنائية تستدعي الدعوة إليه. فحاكم المصرف المركزي عرض ما جاء في مشاوراته مع رئيس الحكومة "نجيب ميقاتي" ووزير المال "يوسف الخليل".
وأبلغ الحاكم أعضاء المجلس أنه عرض لرئيس الحكومة الوضع في سوق القطع طالباً منه التدخّل الأمني مع الصرافين ومع مجموعات الـ "واتساب" التي تتلاعب بسعر الدولار في لبنان من أجل التربّح غير المشروع، وأنه غير قادر على التدخّل في سوق القطع في ظل الفلتان السائد في السوق.
وهكذا، فقد قرّر "ميقاتي" أخذ الموضوع على عاتقه والطلب من مدعي عام التمييز "غسان عويدات" إجراء المقتضى القانوني بهذا الخصوص تمهيداً لتدخّل مصرف لبنان في سوق القطع. والتدخّل هنا هو سحب السيولة النقدية بالليرة من السوق من خلال التفريط بنحو 1.5 مليار دولار.
مسألة سعر الصرف الرسمي في لبنان:
أعاد "سلامة" تأكيد مسألة عرضت سابقاً في المجلس المركزي، وهي تتعلق بسعر الصرف المعتمد رسمياً، إذ قال إنه سيصدر قراراً في نهاية هذا الشهر، أي مساء اليوم، لإعلان بدء العمل بالسعر المعتمد رسمياً.
لكن لم تجر الإشارة إلى الآلية القانونية التي اتبعت في هذا المجال، والسند القانوني الذي سيبني عليه لاتخاذ قرار بزيادة سعر الصرف المعتمد رسمياً 10 أضعاف، علماً بأن سلامة كان قد أبلغ ميقاتي أنه اتخذ القرار بالتشاور مع وزير المال.
في هذا الوقت، يبدو أن "هيبة" الإجراءات الأمنية لكبح سعر الدولار صارت باهتة كما تصف جريدة "الأخبار"، إلى درجة أنها لم تنعكس على سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الحرّة. فمنذ نهاية الأسبوع الماضي، ما زال سعر الدولار يتذبذب بين 57 ألف ليرة و60 ألفا.
وبذلك، يكون سعر الدولار قد تضاعف منذ بداية الأزمة 38.5 مرّة، بينما لم يسجّل مؤشّر الأسعار سوى تضخم بنسبة تراكمية بلغت 17 مرّة حتى نهاية عام 2022.
ويحذر الخبراء أن الفرق الكبير بين سرعة تطوّر سعر الدولار في السوق مقارنة مع سرعة مؤشّر الأسعار، يشير إلى أن الأسعار سائرة نحو مزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة.
سعر الدولار في لبنان لا يمكن كبحه "بالكرباج":
يستذكر اللبنانيون اليوم كلام نائب الحاكم السابق "حسين كنعان"، الذي قال يوماً إن سعر الدولار لا يمكن كبحه بالكرباج، بمعنى أن الحلّ البوليسي، ليس سوى أداة لشراء الوقت وللإيهام بأن هناك حلّاً ميكانيكياً غير جذري.
ففي مطلع عام 2020 اقترح "رياض سلامة" معالجة بوليسية مماثلة أفضت إلى اقتحام مكاتب ومنازل عدد من الصرافين، وانتهت على ما يروي الصرافون بأنه عزلهم من السوق ليحلّ محلّهم مجموعة أخرى من الصرافين الذين يتلقون الأوامر منه ويحدّد لهم الأسعار، بالتالي فإن كل الارتفاع في سعر الصرف كان ارتفاعاً مدروساً منه لإجبار الناس على القبول بانهيار سعر الصرف من دون ردود فعل مفاجئة، وفقًا لتحليل الجريدة اللبنانية.