التضخم في لبنان... نسب وأرقام غريبة من 3 أصفار يندر رصدها في علم الاقتصاد
شهد العالم في الأشهر الماضية حالة من التضخم المدعوم برفع أسعار الفائدة وانقطاع السلع نتيجة الحرب وأزمات طرق الإمداد، لكن انزلاق لبنان إلى دوامة ارتفاع أسعار الاستهلاك، لا يرتبط بشكل مباشر بما يعيشه الاقتصاد العالمي من تضخم في الأسعار، بل هو ناتج عن استمرار انهيار الليرة اللبنانية، التي فقدت أكثر من 95 بالمئة من قيمتها.
انعكس انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية ارتفاعاً بأسعار السلع المستوردة، والخدمات وحتى السلع المصنعة محلياً نظراً لارتباط كلفة انتاجها، بأسعار الطاقة والمواد الأولية المستوردة هي أيضاً.
وتكمن المفارقة في أن مؤشر أسعار المستهلك في لبنان يسجّل ارتفاعات غير مألوفة ونادرة، فمثلاً كشفت بيانات إدارة الإحصاء المركزي، أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، سجلت ارتفاعاً فاقت نسبته الـ 6000 % منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
تضخم بنسبة 1500 بالمئة!
تقول مدير عام إدارة الاحصاء المركزي بالتكليف "مرلين باخوس"، إن لبنان يمر بحالة من عدم اليقين منذ أواخر عام 2019، حيث تتفاقم هذه الحالة مع توسع الشلل في مؤسسات الدولة والإدارات العامة، إضافة إلى تسجيل قيمة العملة الوطنية تراجعات قياسية، ما ينعكس إرباكاً في الأسواق المالية والاستهلاكية.
وتشير إلى أن مؤشر تضخّم الأسعار زاد بنسبة 1500 % منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وذلك نتيجة ارتفاعات في جميع مكوّناته.
وأوضحت "باخوس" أنه على صعيد سنوي، فقد سجّل مؤشر تضخم الأسعار في لبنان ارتفاعاً بنسبة 142 % خلال الفترة الممتدة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 وحتى الوقت نفسه من 2022.
وكانت سلع العناية الشخصية والخدمات المتفرقة وخدمات التأمين الأكثر ارتفاعاً بالأسعار، وبنسبة تجاوزت الـ 248 بالمئة، تليها أسعار المياه والغاز والكهرباء والمحروقات المخصصة للمنازل، والتي ارتفعت بنسبة 234 بالمئة، في حين ارتفعت كلفة الاتصالات والتي تشمل الانترنت أيضاً، بنسبة تفوق الـ 226 بالمئة.
من جهتها تقول "ميساء ضاهر"، اختصاصية في الرياضيات الإحصائية ومسؤولة عن مسح القوى العاملة لسنة 2022، إن أثر الأزمات المتتالية التي مرّ بها لبنان كان له وقع كبير على واقع العمل في البلاد، حيث أظهر مسح القوى العاملة خلال 2022، انخفاض مؤشرات العمل بشكل واضح، فارتفع معدل البطالة في لبنان بشكل غير مسبوق من 11.4 % سابقاً إلى ما يقرب من 30 %، مما يعني أن حوالي ثلث القوى العاملة في البلاد عاطلة عن العمل.
وتكشف "ضاهر" أن المسح أظهر أن نحو 30 بالمئة من العاطلين عن العمل في لبنان، يبحثون عن عمل منذ فترة تزيد عن السنتين، وأن نحو 19 بالمئة يبحثون عن عمل منذ فترة تتراوح بين السنة والسنتين، ما يعني أن نصف العاطلين عن العمل في البلاد، هم من صفوف البطالة طويلة الأمد التي تزيد عن فترة سنة.