بلغت 31 تريليون دولار... معلومات سترغب بمعرفتها عن ديون أمريكا المرعبة
زادت نسبة الاقتراض والدين بشكل مفرط في الولايات المتحدة، بعد 20 عامًا من التخفيضات الضريبية والاستجابة للركود بالإضافة إلى زيادة إنفاق الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ويقول الكاتب "جيم تانكرسلي"، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) الأميركية، إن ديون أميركا اليوم أصبحت الآن 6 أضعاف ما كانت عليه في بداية القرن الـ 21.
وقد وصلت هذه الديون إلى مستوى قياسي منذ الحرب العالمية الثانية مقارنة بحجم الاقتصاد الأميركي، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل 1.3 تريليون دولار سنويا خلال العقد المقبل.
وبحسب الكاتب، فقد تجاوزت الولايات المتحدة الحد القانوني للاقتراض البالغ 31.4 تريليون دولار الأسبوع الماضي، مما وضع واشنطن على شفا مواجهة مالية أخرى بين الأحزاب.
من أين أتت هذه الأرقام المهولة من الديون؟
ديون أميركا المتضخمة هي نتيجة لخيارات اتخذها كل من الجمهوريين والديمقراطيين على حد السواء. فمنذ سنة 2000، اعتاد السياسيون من كلا الحزبين على اقتراض الأموال لتمويل الحروب، والتخفيضات الضريبية، وتوسيع الإنفاق الفدرالي، وتوفير الرعاية الصحية لجيل طفرة المواليد، واتخاذ تدابير طارئة لمساعدة الشعب على تحمل فترتين من الركود المنهك.
ويعتقد قلة من الاقتصاديين أن مستوى الدين يمثل أزمة اقتصادية في الوقت الحالي، على الرغم من أن البعض يعتقد أن نفوذ الحكومة الفدرالية أصبح واسع النطاق لدرجة أنها تحلّ محل الشركات الخاصة، مما يشكل عائقا للنمو.
لكن الاقتصاديين في وول ستريت يحذرون من أن الفشل في رفع حد الدين قبل أن تبدأ الحكومة في التهرب من فواتيرها -في وقت مبكر من يونيو/حزيران- قد تصبح له تداعيات كارثية.
وأشار الكاتب إلى أن المشرّعين لم يتخذوا سوى خطوات قليلة لتقليل عجز الميزانية الفدرالية الناتج عن الصراع بين الحزبين الحاكمين، فقد مضى ما يقرب من ربع قرن منذ آخر مرة أنفقت فيها الحكومة أقل مما تلقته من الضرائب.
ونظرا لأن برامج الإنفاق باتت اليوم تحظى بشعبية كبيرة من الناحية السياسية، يقول خبراء الميزانية إن من غير الواقعي توقع تحقيق التوازن في الميزانية على مدى عقد آخر أو أكثر.
وبحسب تقديرات البيت الأبيض، فإن الأموال المقترضة ستكون ضرورية لتغطية حوالي خُمس الميزانية الفدرالية البالغة 6 تريليونات دولار هذه السنة المالية، وهي ميزانية تشمل الإنفاق العسكري وتوفير المتنزهات الوطنية وبرامج شبكات الأمان وكل شيء آخر توفره الحكومة.
وفي غضون عقدين فقط، تراكمت ديون الولايات المتحدة لتبلغ 25 تريليون دولار، وتعود جذور الأسباب التي دفعتها إلى الوصول إلى هذا الوضع المالي إلى سوء تقدير سياسي في نهاية الحرب الباردة.
ويوضح الكاتب أن أكبر الدوافع لزيادة الدين، هي الاستجابات الفدرالية لمجابهة أزمات الركود الحادة: مثل الأزمة المالية لعام 2008 والركود الوبائي لعام 2020.
وبعد فترة وجيزة من تولي "باراك أوباما" منصبه عام 2009، بعد أن ورث الركود، دفع الكونغرس إلى الموافقة على حزمة تقارب 800 مليار دولار من التخفيضات الضريبية والإنفاق التحفيزي. واستمر الإنفاق على شبكات الأمان عند مستويات عالية خلال السنوات العديدة القادمة، حيث تعافى الاقتصاد ببطء.
وقد وافق "ترامب" على مجموعة أكبر بكثير من حزم المساعدات، بلغ مجموعها أكثر من 3 تريليونات دولار، بعد أن اجتاح كوفيد-19 العالم في عام 2020، حيث تولى بايدن منصبه في العام التالي ووقع خطة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار بعد فترة وجيزة.
ما هو سقف الديون الأميركية وماذا يعني أن يتم اختراقه؟
يطلق سقف الدين على الحد الأقصى للمبلغ الإجمالي للأموال التي يُسمح للحكومة الفدرالية باقتراضها عبر سندات الخزانة الأميركية، مثل السندات وسندات الادخار، للوفاء بالتزاماتها المالية. ونظرا لأن الولايات المتحدة تعاني من عجز في الميزانية، فعليها أن تقترض مبالغ ضخمة لتسديد فواتيرها.
وقد بلغت أميركا الحد الفني للديون في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، حيث ستبدأ وزارة الخزانة الآن في استخدام "إجراءات استثنائية" لمواصلة سداد التزامات الحكومة، وهذه الإجراءات هي في الأساس أدوات محاسبة مالية تحد من بعض الاستثمارات الحكومية لتتمكن من مواصلة سداد فواتيرها، وقد يتم استنفاد هذه الخيارات بحلول يونيو/حزيران.
وبمجرد استنفاد الحكومة إجراءاتها الاستثنائية ونفاد النقد، لن تكون قادرة على إصدار ديون جديدة ودفع فواتيرها، حيث يمكن للحكومة أن تنتهي من التخلف عن سداد ديونها إذا كانت غير قادرة على سداد المدفوعات المطلوبة لحاملي سنداتها، وسيكون مثل هذا السيناريو مدمرا اقتصاديا ويمكن أن يغرق العالم في أزمة مالية.
ماذا يمكن لأمريكا أن تفعل أمام هذه الورطة؟
لا يوجد دليل رسمي على ما يمكن أن تفعله واشنطن لمنع حدوث هذه الكارثة، لكنها تملك الكثير من الخيارات، فيمكن أن تحاول وزارة الخزانة إعطاء الأولوية للمدفوعات، مثل الدفع لحاملي السندات أولا، وإذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها، فقد يتدخل الاحتياطي الفدرالي نظريا لشراء بعض سندات الخزانة.
أما عن سبب وجود حد للاقتراض، فوفقا للدستور، يجب أن يأذن الكونغرس بالاقتراض، وتم وضع حد الدين في أوائل القرن العشرين بحيث لا تحتاج وزارة الخزانة إلى طلب الإذن في كل مرة يتعين عليها إصدار ديون لدفع فواتيرها.
وفي ظل ارتفاع الإنفاق العسكري، انخفضت الإيرادات الفدرالية، وكان هذا التراجع نتيجة مباشرة للتخفيضات الضريبية التي وقّعها "بوش" في عامي 2001 و 2003، وكانت تلك التخفيضات الضريبية مؤقتة، ولكن في عام 2012، عقد "أوباما" صفقة مع الجمهوريين في الكونغرس لجعل أكثر من 4 أخماسها دائمة.
ويختم الكاتب تقريره بالقول إن تداعيات السياسات المالية لبعض الرؤساء تظل قائمة حتى بعد مغادرتهم مناصبهم.