سلطنة عمان تؤمن وقود المستقبل وتستثمر 30 مليار دولار في الهيدروجين
خصصت سلطنة عُمان، مساحة تقدر بـ 50 ألف كيلومتر مربع لمشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، موزعة على محافظتي الوسطى وظفار، بينها قطعتا أرض ضمن الدفعة الأولى بشهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، على أن يتم توقيع اتفاقيات الانتفاع وتطوير المشروعات فيها بحلول الربع الأول من العام الجاري، حسبما أوردت وكالة الأنباء العُمانية.
كما ستطرح حكومة السلطنة ما بين قطعتي أرض إلى 4 قطع بمحافظة ظفار للمزايدات العامة ليتم إسنادها لمشروعات الهيدروجين الأخضر خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتقدر مساحة كل قطعة أرض مُخصصة لتلك المشروعات بحوالي 320 كيلومترًا مربعًا يتم طرحها للمزايدة عن طريق شركة "هايدروم"، المملوكة بالكامل لشركة تنمية طاقة عُمان، والخاضعة لإشراف وزارة الطاقة والمعادن.
وتبلغ القيمة الاستثمارية لكل قطعة أرض حوالي 4 إلى 5 مليارات دولار، حسبما نقلت الوكالة العُمانية عن القائم بأعمال المدير التنفيذي لـ "هايدروم"، "فراس بن علي العبدواني"، مشيرا إلى أن عدد الشركات والمؤسسات التي سجلت اهتمامها بمشروعات الهيدروجين الأخضر بلغت أكثر من 180 جهة.
وتستهدف الشركة تشغيل ما لا يقل عن 6 مشاريع في قطاع الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 بمحافظتي الوسطى وظفار، منتجةً ما لا يقل عن مليون طن سنويًّا، أي ما يوازي 20 غيغا واط من الطاقة النظيفة، بحجم استثمار متوقع يبلغ حوالي 30 مليار دولار.
وحسب الخبير الاقتصادي العُماني "يوسف البلوشي"، فإن مشروعات الهيدروجين الأخضر من شأنها زيادة الإيرادات غير النفطية وتحقيق الاستدامة المالية التي تسعى لها السلطنة، مؤكدا أن نجاح الحكومة اقتصاديا في المرحلة القادمة مرتبط بنجاح شركات القطاع الخاص، ما يستوجب مضاعفة الجهود لتذليل العقبات التي تواجهها خاصة الإشكاليات المتعلقة بتكلفة الحصول على العمالة ونوعيتها، حسبما أوردت صحيفة عُمان.
وأوضح "البلوشي" في تصريحات صحافية أن توفير رأس المال بالتكلفة والاشتراطات المناسبة للتمويل من أهم الأولويات التي يجب التركيز عليها لتعزيز النمو الاقتصادي في السلطنة حيث لا تزال تكلفة رأس المال مرتفعة جدا محليا؛ لمحدودية البنوك المحلية واشتراطاتها الكبيرة في الضمان المالي، ما يحد من قدرة الأفراد والشركات على تحصيل التمويل المطلوب لإقامة المشروعات.
ومن شأن تكثيف مشروعات الهيدروجين الأخضر أيضا تعزيز إسهام الإيرادات غير النفطية في موازنة عُمان لعام 2023، حسبما نقلت صحيفة أثير الإلكترونية العُمانية عن وكيل وزارة المالية "عبد الله الحارثي"، مشيرا إلى توقعات بنمو الأنشطة غير النفطية في السلطنة بنسبة 2.9%.
ولهذا الإسهام دور وازن في اقتصاد السلطنة، الذي واصل مسار التعافي خلال عام 2022، مدعومًا بارتفاع الإيرادات غير الهيدروكربونية وسجل فائضا ماليا بقيمة بلغت 1.146 مليار ريال (2.98 مليار دولار)، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022، مقارنة بالعجز المالي في العام الماضي، على الرغم من ارتفاع الإنفاق بنسبة 9.5% على أساس سنوي خلال نفس الفترة.
لماذا يتجه العالم نحو الهيدروجين الأخضر؟
ازداد الاهتمام بهذا المجال بعد التقلبات الكبيرة في سوق الطاقة العالمي بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، مما جعل الاتجاه نحو الهيدروجين الأخضر محل اهتمام مكثف لدى عديد الحكومات حول العالم، باعتباره وقود المستقبل البديل، الخالي من الانبعاثات الكربونية، ما ظهر جليا في وتيرة مشروعاته المتسارعة في سلطنة عُمان خلال الفترة الأخيرة.
وينتج الهيدروجين الأخضر عن عملية كيميائية يستخدم فيها تيار كهربائي ناتج عن مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، ويعمل كناقل للطاقة الكيميائية، مثل النفط أو الغاز، ويخزن ثلاثة أضعاف الطاقة لكل وحدة كتلة مثل البنزين التقليدي، وعندما يحترق في الهواء يتحد مع الأكسجين لإنتاج الماء مرةً أخرى، وبالتالي تنتج طاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي، المسبب للاحتباس الحراري.
وإزاء هذه الخواص الفريدة، قرر عدد كبير من الدول زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر محليا، مثل كندا وفرنسا واليابان وأستراليا والنرويج وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وتشيلي والصين وفنلندا، فيما أطلق الاتحاد الأوروبي خطة استراتيجية للاستثمار بإنتاجه في يوليو/تموز 2020.
ويقدر الإنتاج العالمي من أنواع الهيدروجين المختلفة حاليا بنحو 70 مليون طن، تستخدمها صناعات أهمها: سماد الأمونيا والمواد الكيميائية مثل الميثانول، وإزالة الشوائب أثناء تكرير النفط، فيما ترجح التوقعات العالمية أن يصل سقف الإنتاج إلى 400 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2050، بينها 200 مليون طن من الهيدروجين الأخضر.